الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } * { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } * { فَأَتْبَعَ سَبَباً }

{ وَيَسْأَلُونَكَ } يا محمد سؤال امتحان { عَنْ ذِى الْقَرْنَيْنِ } أى عن شأنه كما يدل له الجواب فى الآية، السائلون قريش بتلقين اليهود، وقيل: اليهود كما روى عن السدى، وأكثر الآثار دل على أن الآية نزلت بعد سؤالهم، فالمضارع لتنزيل الماضى منزلة الحاضر، لأن فى سؤالهم إياه مع ما شاهد وأمن أمره صلى الله عليه وسلم نوع غرابة، أو للاستمرار على السؤال إلى أن أجابهم، وعن عقبة بن عامر: جاء نفر من أهل الكتاب بالصف أو الكتب فقالوا: استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لندخل، ففعلت فقال صلى الله عليه وسلم: " ما لهم يسألونى عما لا أعلم، لا أعلم إلا ما علمنى ربى " ثم قال: ائتنى بوَضوء فتوضأ، فركع فى مصلاه من بيته ركعتين، فسُر وجهه وقال: " أدخلهم مَن بالباب من أصحابى " فأدخلتهم فقال صلى الله عليه وسلم: " إن شئتم أخبرتكم بما جئتم للسؤال عنه ".

ولا يصح ما قيل إن ذى القرنين ملك، وإن عمر سمع فى منى قائلا يقول: يا ذا القرنين؟ فقال: ما لكم وأسماء الملائكة، وإن صح فالمراد أن هذا الاسم من أسماء الملائكة لا تسموا به، ولو سمى به من قبلكم، وقيل: رجل صالح عالم حكيم مهيب، ملَّكه الله الأرض ولا يدرى مَن هو. وعن علىّ لقب بذلك دعا إلى الله، فضرب على قرنه الأيمن فمات، فبعثه الله، وضرب على الأيسر ومات وبعثه الله، وقيل: لأنه انقرض فى عمره قرنان من الناس. وعن وهب بن منبّه: لأن صفحتى رأسه من نحاس، وعن عبيد الله بن يعلى: لأن فى رأسه قرنين كالظلفين، وهو أول من لبس العمامة، لبسها ليسترهما، وقيل: لأن لتاجه قرنين.

وعنه صلى الله عليه وسلم: أنه طاف قرنى الدنيا غربها وشرقها. وعن قتادة ويونس بن عبيد: لأن له غديرتين، وقيل: لأنه سخر له النور والظلمة، يهديه النور قدامه إِذا سرى، وتمتد الظلمة وراءه، وقيل: لأنه دخل النور والظلمة، وقيل: لأنه رأى فى نومه كأنه صعد وأخذ بقرنى الشمس، وقيل: لأنه لشجاعته ينطح أقرانه، وقيل: هو فريدون بن أثغيان وهو مسلم، يؤيد بالوحى، أعطى ابنه أبراج العراق والهند والحجاز، وأعطاه التاج، وابنه سلم الروم وديار مصر والمغرب، وابنه نور الصين والترك والمشرق، ووضع لكل قانوناً يحكم به، وسميت قوانينهم سياسة، بمعنى سى إِيسا أى ثلاثة قوانين، وسلطنته خمسمائة عام. ويرد هذا أن الله جل وعلا أخبرنا بسفر ذى القرنين أنه سافر، وذلك لم يسافر بإجماع أهل التاريخ، وإنما مهد له الأرض كاوه الأصبهانى الحداد، الذى مزق به الله ملك الضحاك، إلا أن يثبت له ما يذكر للإسكندر ولا يبالى بعدم ذكر المؤرخين، وقيل: إسكندر اليونانى فيلسوف، وقيل: قلفيص، وقيل: قليص.

السابقالتالي
2 3 4