الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } * { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً }

{ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا } عند الصخرة، وقيل: فى مدخل الحوت { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا } ينبغى لمن قرأ هذه الآية أن يقول: اللهم آتنا رحمة من عندك، وعلمنا من لدنك علما، والعبد المذكور هو الخضر - بفتح الخاء وكسر الضاد، أو إسكانها، أو بكسرها أو بكسرها وإسكان الضاد - أبو العباس بليا بفتح فإسكان، وقصر أو مد، وقيل: أبليا، وقيل: اسمه عامر، ويضعف القول أنه أحمد بأنه لم يسم أحد بأحمد قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وعن الضحاك: أن الخضر ابن آدم. وعن سعيد بن المسيب أن أمه رومية وأباه فارسى، وقيل: إنه ابن فرعون موسى، وهو ضعيف. وعن كعب الأحبار أنه ابن عاميل، وقيل: ابن العيص، وقيل: ابن كليان بفتح الكاف وإسكان اللام.

وعن وهب بن مبنه أنه ابن ملكان بذلك الوزن بن فالغ بن عامر ابن شالخ بن أربخشد بن سام بن نوح، ولا أعرف صحة شئ من هذه الأقوال، وصحح النووى فيما يظهر من عبارته أنه بَلْيَا بن ملكا، ونسب للجمهور، وشهر أنه موسى، وزعم بعض أنه إِلياس، وبعض أنه اليسع وبعض أنه ملَك.

ولقب بالخضر لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هى تهتز من خلفه خضراء. وعن مجاهد: لأنه إذا صلى اخضر ما حوله. وعن عكرمة: لأنه إذا جلس فى مكان اخضر ما حوله، ولأنه كانت ثيابه خُضْراً. وعن السدى: لأنه إذا قام بمكان نبت العشب تحت رجليه حتى يغطى قدميه، وقيل: لإشراقه وحسنه والصحيح الأول للحديث.

وصح من حديث البخارى وغيره أنهما رجعا إلى الصخرة، وإذا رجل مسجى بثوب، أى مغطى جعل طرفه تحت رأسه، وطرفه تحت قدميه.

وفى مسلم: أتيا جزيرة، فوجد الخضر قائما يصلى على طنفسة خضراء، على كبد البحر، أى خالص الماء وذكر الثعالبى أنهما انتهيا إليه وهو قائم على طنفسة خضراء على وجه الماء مسجى بثوب أخضر.

وقيل: إن سبيل الحوت عاد حجراً، فلما جاءا إليه مشيا عليه حتى وصلا إلى جزيرة فيها الخضر، وصح أنه سلّم عليه موسى حين انتهيا إليه، فقال الخضر: وأَنِّى بأرضك السلام، فقال: أَنا موسى، فقال: موسى بنى إسرائيل؟ قال: نعم.

وروى أَنه لما سلّم عليه وهو مسجى عرف أنه موسى، فجلس وقال: وعليك السلام يا نبى بنى إسرائيل، فقال موسى: وما أدراك بى؟ ومَن أخبرك؟ فقال: الذى أعلمك بى، أما يكفيك أن التوراة بيدك، وأن الوحى يأتيك، فقال: إن ربى أرسلنى إليك لأتبعك وأتعلم من عندك.

ونكر عبداً ورحمة وعلما للتعظيم، والرحمة الوحى والنبوة عند الجمهور، على أنه نبى، وقيل: رسول، وقيل: ولىّ، وقيل: الرزق الواسع، وقيل: العزلة عن الناس، وعدم الحاجة إِليهم، قيل طول الحياة مع الصحة، والعلم علم الغيب بتكليم الملّك، أو بإشارته المعبَّر عنها بالنفث كقوله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2