الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً }

{ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا } أخبرنى ما دهانى إذ أوينا { إِلَى الصَّخْرَةِ } هى التى رقد عندها موسى، وهذا عند بحر طنجة، ألا ترى قصة وجود حوت كالمأكول فى بحرها، وألا ترى أن فى ذلك المغرب مدينة يقال لها مدينة الجدار، وغير ذلك مما تذكره المغاربة، وشهر أن ذلك عند بحر الشام، ويقال: إن الصخرة هى التى دون نهر الزيت، سمى لكثرة أشجار الزيت على شاطئه.

ويروى أنهما خرجا من الشام إلى جهة أرمينية، فانتهيا إلى الصخرة التى قال الله لموسى: إنك تجد عندها العبد الصالح الذى تطلبه، ولما انتهيا إليها توسدها وقام، فاضطرب الحوت بمس ماء الحياة، فدخل البحر بمرأى فتاه، وأشفق أن يوقظه، ونسى بعد استيقاظه ولم يشتد حفظه لكثرة ما عاهد عند موسى من أمثال ذلك.

{ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ } إذ أوينا إلى الصخرة، أى نسيت شأن الحوت الذى جعل لى علامة.

{ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاّ الشَّيْطَانُ } وقوله { أَنْ أَذْكُرَهُ } بدل اشتمال من الهاء، والمنسى هو الله جلا جلاله، وإنما نسب الانساء إلى الشيطان هضمًا لنفسه، كأنه قصر فخدعه الشيطان، مع أنه مستغرق القلب فى أمر الله، ولم يتحمل هذا الاستغراق مع مراعاة شأن الحوت لنقصان البشر طبعاً.

{ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَبًا } الحق أن هذا من كلام الله، وفاعل اتخذ ضمير موسى والهاء له أو للحوت، أو كلاهما للحوت سبيلا عجبا كأنه نفس العجب، أو معجوبا به أَو ذا عجب، وهو طريق فى البحر لا ماء فيه سقفه وجدره ماء، بقى كذلك من حين سلك حوته فى البحر، وهاء سبيله للحوت، ويجوز عوده لموسى، وفى البحر متعلق باتخذ، وسبيل مفعول أول، وعجبا ثان أو اتخذ له مفعول واحد أو ثانيه فى البحر، وعجبا حال أو مفعول مطلق، أى اتخاذاً عجبا.