الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً }

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى } هو ابن عمران، ولعن ابن عباس فوفا البكالى إِذ قال: إِنه غيره كما فى البخارى ومسلم والترمذى والنسائى، وكذا زعم بعض المحدثين والمؤرخين أنه موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب. وقيل: موسى بن أفرائيم ابن يوسف، وكذا قال اليهود، أنكروا أن يأخذ عن نبى وأن يكون الخضر أعلم من موسى بن عمران، وأن يكون خرج من التيه.

قلت: لا مانع من تعلّم نبى من نبى، ومن تعلّم نبى ممن هو دونه، كما قيل: إِن الخضر ليس نبيا، وأنه لا مانع من خروجه، ثم رجوعه إلى التيه، وأنه لا مانع من التقائه مع الخضر قبل التيه، وقد يخرج من التيه ولا يخبرهم أو يقول لهم: أخرج إلى عبادة وأرجع، وإذ عطف على إذ الأولى، فاذكر المقدر هنالك مسلط عليه، كأنه قيل: واذكر إذ قال موسى لِفَتَاهُ هو يوشع ابن نون بن أفرائيم بن يوسف، فإنه كان يخدمه ويتبعه، فسماه فتاه، وهذا هو المشهور.

والعرب تسمى الخادم فتى، لأن الخدم أكثر ما تكون فى سن الفتوة، وقيل: هو ابن أخت موسى، وقيل: هو أخو يوشع، وأنكر اليهود أن يكون له أخ، وقيل: فتاه عبده، قال صلى الله عليه وسلم: " ليقل أحدكم فتاى وفتاتى ولا يقل عبدى وأمتى " وهذا خلاف الأولى، لا محرم ولا مكروه، وقيل: القول بأنه عبده، قول باطل، اذكر يا محمد لهؤلاء المتكبرين على الفقراء الذين آمنوا قصة موسى وتواضعه للخضر فى تعلمه منه، وفيها تلويح بمدح المؤمنين على تواضعهم للنبى صلى الله عليه وسلم، وتقريع لأهل الكتاب والمشركين على عدم التعلّم من النبى صلى الله عليه وسلم، كما ارتحل موسى إلى التعلم.

{ لاَ أَبْرَحُ } لا أزال، والخبر محذوف تقديره لا أبرح سائراً أو لا أبرح أسيراً، ولا خبر له بمعنى لا أنتقل عن السير والطلب أى لا أتركهما، ويدل على تقدير السير الحال، وهى أنه فى السفر واللفظ وهو قوله:

{ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ } ولا مانع من حذف باب كان لدليل، مثل أن يقال مَن كان بوابًا فتقول: كان عمرو أى كان عمرو بوابًا ومجمع البحرين هو الموعود له من الله عز وجل، بحر الروم الجارى على الجزائر وأعمالها، وأندلس والبحر المحيط وعليه سبتة، ومجمعها ما بين سبتة وطنجة من البحر، إِذ فتح ذو القرنين إِلى ذلك الموضع، وكان عبر البحر المحيط، أو فتحه إلى المحيط، فاتصل البحران، ودع عنك التفسير ببحر الروم، وبحر فارس الذى فى المشرق، وكما روى عن مجاهد وقتادة، وعليه فما معنى التقائهما، وأين يلتقيان فيتكلف له أنهما فى موضع يقرب التقاؤهما، وإلا فلا يلتقيان إِلا فى المحيط بخلاف ما بين طنجة وسبتة، فإنه كان برا، فاشتكى أهل أندلس من أهل السوس فحجز بينهما ذو القرنين بخلط البحرين.

السابقالتالي
2 3