الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } * { وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً }

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } وقوله: { إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } خبر، لإن الأولى والرابط من فهو من وضع الظاهر موضع المضمر، على أن المراد بمن أحسن عملا هو الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يمنع هذا تنكير العمل، فإنه للتعظيم اعتبر وضع الظاهر موضعه على وجه التعظيم، وإن أريد بالأول الخصوص، وبالثانى العموم، كان الرابط العموم أو بالعكس فالرابط محذوف أى من أحسن منهم عملا، أو هذه الجملة معترضة، فيكون خبر إن الأولى قوله:

{ أُولئكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } وإِذا جعلنا الخبر هو إنا لا نضيع كانت هذه مستأنفة أو خبراً ثانيًا لإن الأولى، والعدن الإقامة ومنه المعدن لإقامة الجواهر فيه، العمل الصالح هو إحسان العمل أو إحسان العمل قيد فى العمل الصالح لأن الإنسان قد يعمل صالحًا، ولا يحسنه، وعلى وضع الظاهر موضع المضمر، فالإحسان مراد فى آمنوا وعملوا الصالحات، وعلى غيره يكون الإحسان قيداً مخرجاً لمن لم يتم عمله ولمن رأى به ولمن عمل محبطاً أو يراد الإحسان الذى هو أن تعبد الله كأنك تراه، فتكون لآية فى نوع من المؤمنين.

{ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ } خبر ثالث، أو مستأنف أو نعت جنات، أى من تحت غرفهم كما قال جل وعلا:وهم فى الغرفات آمنون } [سبأ: 37].

{ يُحلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ } خبر رابع أو مستأنف، أو تحت جنات، والمفعول الثانىمحذوف منعوت بمن أساور، أى يحلون فيها حليا من أساور، ومن هذه للتبعيض من هذا المحذوف، أو بيان له، ويجوز أن يكون متعديًا لواحد فقط بمعنى يعطون حليًا، فتكون من للابتداء، ومن ذهب نعت لأساور، أو بيان لأساور، أو تبعيض له يتعلق بمحذوف نعت أساور، والمفرد أسورة وأسورة جمع سوار، وقال أبو عبيدة: جمع أسوار بحذف الألف بعد الواو، ولو اعتبرت لقيل أساوير بالياء، أو حذفت من أساوير الياء.

قال أبو عمرو بن العلاء: سوار مفرد لا جمع، وجمعه أساور بحذف ألف المفرد، وكذا قال قطرب وأبو عبيدة، وتنكير أساور وذهب للتعظيم، والسوار حلقة تلبس فى اليد أو فى الزند، وكان الملوك يتزينون فى أيديهم، ويتوجون فى رءوسهم فى الدنيا، وتزين بها الأطفال الذكور أيضا فلا عيب فى لبس أهل الجنة لها، بل جعلها الله لهم زينة يحبونها، ولو كانوا لا يحبونها فى الدنيا طبعًا، ولكل واحد من أهل الجنة ثلاثة أسورة، واحدة من ذهب كما فى هذه الآية، والثانية من الفضة لقوله تعالى:وحلّوا أساور من فضة } [الإنسان: 21].

والثالثة من اللؤلؤ لقوله تعالى:ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير } [الحج: 23، فاطر: 33] أو لبعضهم من ذهب، ولبعض من فضة، ولبعض من اللؤلؤ، بحسب أعمالهم، وأكثر التسوير فى الدنيا النساء، ويشترك به النساء والرجال فى الآخرة والأصل دستاور لفظ عجمى تصرفت فيه العرب، فقالوا سورت الجارية، وقالوا: سوار بحذف الف دست، ورائه وهائه وتائه وداله، والصحيح أنه عربى وقيل: معرب دستواره.

السابقالتالي
2 3