الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً } * { قُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً }

{ وَلَبِثُوا فِى كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ } كما اختلف الناس فى عددهم اختلفوا فى مدة لبثهم، فهذا من جملة كلام الناس فى أهل الكهف، قيل: قال بعض اليهود: ثلاثمائة سنين، وبعض ثلاثمائة سنين وتسع، كما قال الله عز وجل:

{ وَازْدَادُوا } أى أصحاب الكهف لا الناس، أو أهل الكتاب كما قيل { تِسْعًا } ولكونه من كلامهم لا من كلام الله عز وجل قال:

{ قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا } بلبثهم، أى بمدة لبثهم، فيكون من حين قوله عز وجل، فالمعنى أنهم لبثوا ثلاثمائة وتسعا، وهو أعلم به، وهو الحق لا ما خاض الناس فيه من غير هذا العدد، وازدادوا للناس، أى ازدادوا فى العد، ولأصحاب الكهف، أى ازدادوا للناس، والصحيح أنه من كلام الله سبحانه.

لما نزلت الآية قالت نصارى نجران: أما ثلاثمائة فقد عرفناها، وأما التسع فلا علم لنا بها، فنزل: { قل الله أعلم بما لبثوا } أى لبثوا ثلاثمائة وتسع سنين قمرية، أو ثلاثمائة عجمية شمسية، فتكون ثلاثمائة وتسعا عربية قمرية، كما روى عن علىّ، وذلك للبيان وللرد على مَن خالف قال: ما نزل ولم يقل ثلاثمائة سنين وتسعا، ونسب ذلك لأهل الكتاب، وقيل عن الحساب والمنجمين السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسون يوما، وخمس ساعات، وتسع وأربعون دقيقة، والقمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وثمانى ساعات وثمان وأربعون دقيقة، والتفاوت بين الحسابين قليل، وقيل: قال بعض أهل الكتاب ثلاثمائة، وقال بعض ثلاثمائة وتسع، ومعدود تسع سنون كما هى المذكور قبل، ولو أريد تسع ساعات أو ليال جمع ليلة، أو تسع جمع لذكر ذلك ولو أريد تسعة أيام أو أشهر لقرن بابقاء على الأفصح، ولذكرت الأيام أو الأشهر، إذ لا دليل عليها، ومنتهى ذلك العدد وقت نزول القرآن فهم عند مجاهد، ووقت موتهم عند الضحاك، ووقت تغيرهم البلاء فى قول، ووقت اطلاع الناس عليهم فى آخر.

ويروى أن ابن عباس مر فى غزوة بالكهف، فوجد هو ومَن معه عظاما فقالوا: هى عظام أهل الكهف، فقال أولئك قوم فقدوا مدة طويلة، وفنوا، فقال راهب: ما كنت أحسب أن أحداً من العرب يعرف ذلك، فقيل له: هو ابن عم نبينا صلى الله عليه وسلم.

وعنه صلى الله عليه وسلم: " ليحجن عيسى وأصحاب الكهف ويعتمرون ويمرون بالروحاء وهم حينئذ حواريون ويتزوج ويولد له ويزورنى فى قبرى ويموتون عن رفع القرآن والكعبة " والله أعلم.

وسنين عطف بيان بالنكرة، أو بدل ولو كان لا يصح فى المعنى جعله فى مقام المبدل منه، على أن يراد بقولهم فى نية طرح المبدل منه أن المقصود بالذات البدل، وعن الضحاك: نزل ثلاثمائة، فقيل: يا رسول الله أياما أم أشهرا أم سنين، فأنزل الله سنين.

السابقالتالي
2