الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً }

{ وَكَذَلِكَ } كما أيقظناهم، أو أحييناهم، أو كما أنمناهم وأيقظناهم { أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ } أوقفنا الناس أو أهل مدينتهم عليهم وعلى حالهم، ليزداد بصيرة، من قال يبعث الأجساد والأرواح معا وليؤمن بالبعث من أنكره أو شك فيه، وأصل العثور السقوط مطلقا، وقيل: للوجه، واستعمل فى الاطلاع على الشئ مجازاً، وذكر بعض أنه حقيقة، وعلى الأول العلاقة السببية، لأن الساقط ينظر بأى سبب سقط.

{ لِيَعْلَمُوا } أى ليعلم من أعثرنا عليهم { أَنَّ وَعْدَ اللهِ } يبعث الأرواح والأجساد معا أو موعود الله، وهو البعث، وقيل: المراد كل وعد، وكل موعود فيدخل البعث بالأولى وأكد ذلك بذكر الساعة بعد تخصيصا بعد تعميم { حَقٌّ } فكما قدر على إِبقائهم مدة طويلة لا تعتاد بلا أكل ولا شرب نائمين أو موتى، وبعثهم بعدها يقدر على إحياء غيرهم من الموتى.

{ وَأَنَّ السَّاعَةَ } يوم القيامة { لاَ رَيْبَ فِيهَا } لأن ثلاثمائة سنة وتسعا لا فرق بينها وبين ما هو أكثر { إِذْ } مفعول لمحذوف، أى اذكر أو ظرف متعلق بقول محذوف، أى اذكر قولهم إذ إلخ لا ظرف لأعثرنا، لأن التنازع بعد الإعثار لا فى حاله إلا تجوزاً للجواز، أو توسعا فى الوقت، بأن بعد وقت الإعثار، ووقت التنازع واحداً، وقع الإعثار، فى بعضه، والتنازع فى بعضه.

{ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ } الضمائر لأهل مدينة أصحاب الكهف، أو الناس المعثرين، وأمرهم مفعول ليتنازع، كأنه قيل يقتسمون أمرهم ويتجاذبونه، فبعضهم يقول: تبعث الأرواح، وتبقى الأجساد معدومة، وبعضهم يقول: تبعث الأرواح، والأجساد، أو الضميران الأولان لأهل المدينة وهاء أمرهم لأصحاب الكهف بعضهم يقول: نبنى عليهم بنيان بيعة، لأنهم على ديننا فنعمل صليبا وناقوسا فيها.

وقال المسلمون نبنى عليهم مسجداً يصلى فيه الناس بلا كفر، لأنهم على ديننا، وقال المشركون نبنى عليهم بنيانا على معتادنا، وقيل: أَمرهم مدة لبثهم وقيل عددهم، وقيل هو كونهم بعد ذلك الاطلاع عليهم ماتوا أو ناموا كأول مرة.

{ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ } حولهم { بُنْيَانًا } يسترهم، قال ذلك غير المسلمين، والبنيان مسجد كفر أو مدينة يسكنها الناس والعطف على يتنازعون، وقيل على محذوف أى تحققوا الآية من الله فقالوا: { رَبُّهُمْ أَعْلمُ بِهِمْ } بأبدانهم ونسبهم، ومدة لبثهم وأحوالهم. هذا من كلام المتنازعين،و قيل من كلام الله سبحانه وتعالى ردًّا على الخائضين فيهم من المتنازعين، أو ممن كان على عهده صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب.

{ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أمْرِهِمْ } أمر الفتية بالقوة والتمكن، ونفاذ الكلمة، وهم المسلمون، وقيل أهل أصحاب الكهف، وقيل أكابر البلد { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا } إِسلاميا يصلى فيه فبنوه وسدوا به باب الكهف كما مر، مرت أعوام بعد دقيانوس، وملك المدينة مؤمن، وفى المدينة قوم ينكرون بعث الأجساد إلا الأرواح، فلبس المسوح، وقعد على الرماد، وتضرع إلى الله، فأعثرهم الله على أصحاب الكهف، فآمن كثير ببعث الأجساد.

السابقالتالي
2