الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً } * { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوۤاْ إِذاً أَبَداً }

{ وَكَذَلِكَ } كما أنمناهم، أو أمتناهم آية لتطاول المدة { بَعَثْنَاهُمْ } أيقظناهم أو أحييناهم { لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ } يديروا السؤال بينهم عن حالهم، ومدة لبثهم، فيتوصلوا إلى ذكر حفظ الله لهم عن دقيانوس، وبعد أن يعلموا طول المدة يزدادون شكراً فى توفيقهم إلى الحق من البعث، وأن الله هو الرب، وأن له القدرة التامة.

{ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ } مكسلمينا وهو كبيرهم ورئيسهم، ويناسبه عادة أن تمليخا دونه ودونهم فى الشرف، إِذ كانوا يبعثونه لشراء الطعام، لكن قد يكون ذلك لأنه أعرف بالطرق والإخفاء، وقيل: القائل صاحب نفقتهم تمليخا والمعنى: قال لباقيهم، وهو تابع لما قد يصح من قولهم إن قالوا ووافقوا الحق إِلا أنهم لم يعلموا إلا بعد الإكشاف للناس.

{ كَمْ لَبِثْتُمْ } يا أصحابى وأنا معكم فى الحساب، كم ظرف زمان أى كم زمانًا، أو كم مدة أو مفعول مطلق، أى كم لَبْثٍ لبثتُه وذلك أن الزمان والمدة واللبث تطلق على أدق دقيق، وتطلق على قطع من ذلك، أو يقدر كم يومًا.

{ قَالُوا } أى الباقون { لَبِثْنَا } وأنت معنا، أو لبثنا نحن وأنت { يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } أو للشك على الصحيح، وتحتمل تنوع القول أى قال بعض يومًا، وقال بعضهم بعض يوم، وهو ضعيف، وقيل للإضراب، ومع ضعفه هو أولى من التنويع، وكلاهما لا دليل عليه، ويقال قالوا: لبثنا بعض يوم، وفيه تفسير البعض بالأكثر، وذلك أنهم دخلوه عند طلوعها، وبعثوا عند غروبها، ثم تأمَّلوا شعورهم وأظفارهم، فعرفوا أن المدة طالت، ولم يدروا كم هى فقالوا كما قال اله عز وجل عنهم، وقيل: راعَهم ما فاتهم من الصلاة فقالوا ذلك.

{ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ } بلبثكم أَى بمدة لبثكم، أو بمدة لبثتموها، أو بالمدة التى لبثتموها، وقد مر تصحيح أنهم لم يتغيروا بزيادة ولا نقص، وذلك فى حال لم يجعل لهم الله هيبة، فعليه لم تطل شعورهم وأظفارهم، وإن صح أنها طالت فلعلهم لم ينتبهوا لها عقب إيقاظهم، أو انتبهوا لها فقالوا: { ربكم أعلم } إلخ، ومر أنه قليل يدخل عليهم فتقص شعورهم وأظفارهم، ويقال يقلبون فى كل جمعة أو فى كل شهر أو فى كل عام، ولا يصح من ذلك شئ.

{ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا } بعثوا تمليخا والورق الفضة يؤنث كما هنا ويذكر، وهى الفضة مسكوكة كما هنا، وهى حافر البغل أو غير مسكوكة، والكسب لا ينافى التوكل لأن المتوكل يعتقد أن كسبه لا ينفع ولا يؤثر إن لم ينفعه الله به، ولم يؤثره والمدينة طرسوس - بفتح الراء - من بلاد الروم، ولينظر أى أهلها فحذف المضاف أزكى طعاما: أحلى، وأرخص، وأكثر، وأحل، لأنهم نشأوا على ذلك، أو أرادوا الحل فقط لا ربا ولا مغصوبا ونحوهما من المحرمات.

السابقالتالي
2