الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }

{ وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا } جمع يقظ بكسر القاف كنكد وأنكاد، أو بضمها كعضد وأعضاد { وَهُمْ رُقُودٌ } جمع راقد، كما نص ابن مالك على صحة جمع فاعل على فعول، فلا حاجة إلى جعله مصدراً بمعنى الوصف، أو إلى تقدير مضاف ومعناه نوام، وقيل: موتى، شبَّه نومهم بالموت كقوله تعالى:مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مرقدنا } [يس: 52] والأول أولى، والمعنى أنك تظنهم لو رأيتهم غير نائمين أو غير موتى لانفتاح عيونهم، وشدة نظرها، بحسب صورتها، وهم لا ينظرون بها، والنبى صلى الله عليه وسلم لا يظنهم أيقاظاً مع علمه بأَنهم رقود، لكن المراد أنه يراهم بصورة الأيقاظ، أو لو رآهم قبل علمه بعدم يقظتهم، أو الخطاب لمن يعلم به لو رآهم.

{ وَنُقَلِّبُهُمْ } وكلبهم { ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ } يقول لتقلبهم كن فيكون، أو تقلبهم الملائكة، وروى أن أهل تلك الجهة يقلبونهم، ويقلمون أظفارهم، لو لم يقلبهم لأكلتهم الأرض، كما قال ابن عباس: والله قادر أن لا تأكلهم بلا تقليب، ولكن يجرى الله عز وجل غالب الأمور على أسباب، كما يجمع صلى الله عليه وسلم ماء قليلا، أَو يأتى ماء قليلا، أو يجمع طعامًا قليلاً فيبارك فيه فينمو، ولو شاء الله لخلق له كثيراً بلا جمع.

قيل: أو تقليبهم جرياً على عادتهم فى النوم من التقلب عن جنب إلى جنب، وذلك تشريف لهم، والتقليب مرة فى كل تمام ستة أشهر فيما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما، وقيل: يوم عاشوراء فى كل سنة، وقيل: فى تسع سنين، ولا يخفى أن المضارع للتجديد، وذات ظرف أى وقع التقليب فى جهتهم اليمنى إلى اليسرى، وفى اليسرى إلى اليمنى.

{ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ } الواو للحال، واسمه قطمير، وعن مجاهد قطمور، وقيل: ثور، وقيل: كلب تبعهم، وقيل: ريان، وهو أصفر اللون، وقيل: أسمر، وقيل: كلون السماء، وقال رجل من أهل الكوفة: رأيته أحمر كأنه ثوب إنجابى.

قال قومنا: إنه رجل لا يتهم بالكذب، وإن اسمه عبيد، وقيل: فيه نمرة بيضاء، ونمرة سوداء، وهو لواحد منهم تبعه فطردوه فأنطقه الله: إنى مؤمن ومحب لأحباب الله، وقيل: لراع مروا به مع غنمه فاتَّبعهم الراعى إيمانا بالله، إِذ أخبروه بقصتهم، فتبعه كلبه فطردوه، ورفع يديه ودعا فأَنطقه الله بذلك، وبأنى لا أضر بل أنفعكم إِذا رقدتم أحرسكم، ولما ناموا نام، ولما استيقظوا تيقظ، ولما ماتوا مات معهم، ويدخل الجنة كناقة صالح، وكبش إِسماعيل، وهو كلب حاله من أخس الأحوال نال درجة الأبرار لحبه إياهم وصحبتهم، حتى كان يتلى فى القرآن فى مقام المدح.

" قال رجل: يا رسول الله مَتَى الساعة؟ فقال:ما أعددت لها؟ فقال: يا رسول الله ما أعددت كثير صيام ولا صدقة ولا صلاة، ولكن أحب الله ورسوله، فقال: فأنت مع من أحببت "

السابقالتالي
2 3