الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً }

{ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } أيقظناهم من نومهم، استعارة على متعارف الشرع فى لفظ البعث، وحقيقة لغوية.

{ لِنَعْلَمَ أَىُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا } أى ليظهر علمنا خارجا عند الناس، أو لتطابق حالهم علمنا الأزلى، وكل ما حدث فالله علم بحدوثه علمًا مطابقا لعلمه الأزلى، ولا يتصف بالنسيان، ولا بحدوث شئ عليه سبحانه. والحزبان: أصحاب الكهف، والملوك الذين على المدينة وغيرهم واحداً بعد واحد، أو هم أصحاب الكهف، وأهل المدينة الذين بعثوا على عهدهم، أو طائفة مؤمنة وطائفة كافرة، أو الحزبان كافران: اليهود والنصارى، وهو قول السدى.

وساء أدبا مَن قال: الحزبان: الله تعالى والخلق، كقوله تعالى:أأنتم أعلم أم الله } [البقرة: 140] أو هم أصحاب الكهف، فريق يقول يوما أو بعض يوم، وفريق يقول: ربكم أعلم بما لبثتم، وفى ذلك كله لا علم لأحد من الملوك، ولا أصحاب الكهف بالمدة، فأَما أن اللام للتعليل فلم يقع العلم به كقولك: خلق فلانا للعبادة ولم يعبد، وإما للعاقبة أن الله أظهر لنا ثلاثمائة سنين وتسعًا، وأمداً مفعول، وذلك أن قول بعضهم ربكم أعلم ليس معرفة بالعدد، بل صواب وتوحيد.

ويجوز أن يكون الاختلاف بين أصحاب الكهف: هل طالت المدة؟ فمن قائل يوم أو بعض يوم، ومن قائل طالت المدة، وهو القائل: ربكم أعلم، فجعل الله قوله بالطول علماً بها، لأنها طالت، وليست يوما أو بعضه.

وذكر الفراء أن الحزبين طائفتان من المؤمنين فى زمان أصحاب الكهف، وأمداً مفعول به لأحصى، واللام متعلق بأحصى، أو بمحذوف حال من أمداً، وما مصدرية أى للبثهم، ولا حاجة إِلى جعل أحصى اسم تفضيل من الرباعى، بإسقاط همزته لشذوذ مثل هذا، وأجازه بعض قياساً مطلقا، وبعض إن كانت الهمزة لغير التعدية، كأصبح، وأشرق، وأضاء، وأشكل، وأطعم، ولا إلى جعل اللام زائدة، وجعل ما اسمًا موصولا، أو نكرة موصوفة معفولا به لأحصى، وأمداً تمييز.

ويرده أن يكون تمييزاً لاسم التفضيل، أو فاعلا فى المعنى له.