الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } * { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً }

{ إِذْ أَوَى } التجأ { الْفِتْيَةُ } جمع فتى وهو الشاب من كل حيوان وهم مرد، وأظهرهم للتنصيص على وصفهم بصغر السن، وهم سبعة مسورون بالذهب، ولهم ذوائب، والصحيح أن الكهف فى ناحية طرسوس فى المشرق لا فى المغرب، ففى الشام كهف فيه موتى يزعم مجاوروه أنهم أصحاب الكهف، وعليهم مسجد وبناء يسمى الرقيم، ومعهم رمة كلب.

وقال الإمام أبو حيان: فى جهة غرناطة قرب لوشة كهف فيه موتى ومعهم كلب رمة، انجرد لحمه وتماسك بعضه، وقد مضت القرون ولم نجد من علم شأنهم، ويزعم الناس أنهم أصحاب الكهف.

قال أبو حيان: قال ابن عطية: دخلت عليهم فرأيتهم سنة أربع وخمسمائة، وهم بهذه الحالة، وعليهم مسجد، وقريب منهم بناء رومى يسمى الرقيم، كأنه قصر مخلق قد يفنى بعضه، وهو فى فلاة من الأرض خربة، وبأعلى قصر غرناطة مما يلي القبلة، آثار مدينة قديمة يقال لها: دقيوس، وجدنا فى آثارها غرائب.

وقال أبو حيان: وحين كنا بأندلس كان الناس يزورون هذا الكهف، ويذكرون أنهم يغلطون فى عدتهم، إذا عدوهم، وأن معهم كلبًا؛ يرحل الناس إلى لوشة لزيارتهم، قال: وقد مررت مراراً كثيرة على المدينة القديمة العظمى المذكورة، وشاهدت فيها أحجاراً عظيمة.

قال: ويترجح كون ذلك بأندلس لكثرة دين النصارى بها، ولأن الإخبار بما هو أقصى من أرض الحجاز أغرب وأبعد أن يعرف إلا بوحى من الله عز وجل اهـ.

وهو مخالف لما يذكر عن معاوية، أنه مر بالكهف وأراد دخوله، فمنعه ابن عباس.

{ إِلَى الْكَهْفِ } إذ ظرف لعجبًا أو مفعول لا ذكر، لا متعلق بحسبت، لأنه ليس صلى الله عليه وسلم فى وقت أويِّهم إلى الكهف، وكانوا شبانًا كما سماهم فتية، وهم من أشراف الروم على سن واحدة أو متقاربون، آمنوا بالله وبعيسى عليه السلام، أرادهم دقيانوس على الإشراك، وهو ملك الروم، فهربوا إلى الكهف قريبا من بلدهم، وقيل: كان ذلك قبل عيسى عليه السلام فى فترة، فكان إِيمانهم عبرة وتفكراً فى عظمة ملك الله وقدرته، ولم يأتهم وحى، ولم يقرءوا كتابًا، ولم يعلمهم أحد بعثه الله عز وجل، وهم فى الكهف، ورفعه الله بعد ثلاث وثلاثين سنة.

ومضى بعد ذكر زمان طويل فبعثهم الله من نومهم، وأطلع أهل ذلك العصر على حالهم، ليَعْلموا أن الله يبعث الموتى، تزوَّدوا من بيوت آبائهم، وتصدقوا وهربوا خوفًا من أن يقهروا على عبادة سلطانهم دقيانوس، وهم معه فى مدينة أفسوس من مدائن الروم، والعرَب تسميها طرسوس، قيل: كانوا يبعثون واحداً منهم يشترى لهم الطعام من المدينة خيفة، قيل: جلسوا يوماً عند الغروب يتحدثون، فأَلقى الله عليهم النوم، كما قال عز وجل: { فضربنا على آذانهم } الآية.

السابقالتالي
2