الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَىٰ ٱلظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً }

{ أَوَ لَمْ يَرَوْا } ألم يتفكروا ولم يروا أى لم يعلموا { أَنَّ اللهَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أى أن يخلقهم بعد فنائهم مثل خلقهم الأول، كما قال:خلقاً جديداً } [الإسراء: 49، 98] ومثل الشئ لما كان مساويا له فى حالته جاز أن يعبر به عن الشئ نفسه، كما يقال مثلك لا يفعل كذا، ويراد أنت لا تفعل، وذلك أنسب بالمقام من أن يقول: إن المعنى قادر على أن يخلق ناسًا يعبدون الله ولا يعصونه، يوحدونه ولا يشركون به، وهم مثلكم فى الإنسانية وليس بعثهم أصعب من خلق السماوات والأرض، ولا الإعادة أصعب من البدء وكل شئ عنده سواء لا أصعب ولا أخف، ومن ذلك قوله تعالى:ويأت بخلق جديد } [إبراهيم: 19، فاطر: 16] وقوله عز وجل:يستبدل قومًا غيركم } [محمد: 38].

وعامة آيات البعث إما ظاهرة أو صريحة فى أنه تبعث الأجسام الذاهبة بعينها، وما بقى لم يفن كعَجْب الذنَب وما بقى من أجزاء ما يفنى ينفخ فيه الروح بعينه، ويرد إليه ما فنى، وجاء فى الحديث: " إن عجْب الذنب لا يبلى ولا يأكله التراب " فنقول فتجمع إليه ما ذهب ويحيى الكل، وفسر بعضهم ذلك بأن العجب المذكور لا يفنى بالتراب، بل يفنيه الله بلا تراب، كما يفنى ملَك الموت بلا ملَك موت.

وذكر بعض أن كل ما يفنى يفنى أيضًا ثم يعاد، وأما فناء الأحياء بالموت فلا يستثنى منه مخلوق.

{ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَ رَيْبَ فِيهِ } هو الموت أو القيامة، والجملة معطوفة على قوله: " أو لم يروا " لأن معناه قدر، كأنه قيل قدر أن يخلق مثلهم، وجعل لهم، وليس الاستفهام منسحبا عليه، وأفرد الأجل لأن المعنى جعل لكل أحد أجلا هو الموت، أو لأن القيامة أمر واحد، ويجوز أن يراد بالأجل مدة الحياة كلها لكل أحد. ويجوز عطفها على خلق، أو قادر فيتسلط عليها الاستفهام، وهذا ظاهر فى التفسير بالموت، أو بمدة الحياة.

وأما فى التفسير بالقيامة فباعتبار وضوح أمرها بالدلائل حتى كأنها مما لا ينكرونه فيقال: أو لم يروا أنه جعل لهم يوم القيامة بلا ريب.

{ فَأَبَى الظَّالِمُونَ } المشركون مع وضوح الحق { إِلاّ كُفُورًا } مجوداً للحق وهو القدرة على البعث.