الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }

{ قُلْ لّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ } يقدر القسم والله، أو وعزة الله لقوله وقل لا وعزتى إلا على ضرب من التأويل، بمعنى قل عنى وعزتى، أو قل لهم هذا المعنى معبراً عنه بما يليق، ولم يذكر الملائكة لأن الله جل وعلا لم يعطهم بلاغة الكلام، كما أعطاها الإنس والجن، ولأن المقام للتحدى على منكرى القرآن، وليس من شأنهم إنكاره، قيل: ولأنهم الوسائط فيه، والنازلون به، وهم على قلب ملَك واحد، لا مغايرة بينهم كما تغاير الثقلان بالإنكار والتصديق، ولأنه لم يقل أحد من الثقلين إنه كلام الملائكة.

ولأن إتيان الملائكة بمثله لا يخرجه عن كونه معجزة لو أتوا به، لأنه صلى الله عليه وسلم يتحداهم أيضا بأنهم ملائكة من الله جاءونى به، فهلا جاءوكم به، وهم عاجزون كالإنس والجن، ويبعد أن يرادوا فى لفظ الجن كغيرهم من الجن، ولو أريدوا فى قوله عز وجل:وجعلوا بينه وبين الجِنَّة نسبًا } [الصافات: 158].

{ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا القُرْآنِ } فصاحة وبلاغة { لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ } متعلق بقوله: { ظَهِيرًا } ، والعطف على محذوف أى لو لم يكن بعضهم لبعض ظهيراً، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، ولا يضر التكرير، لأن مثله محذوف، ولا تقل الواو للحال، ومراد ظهيراً معيناً فى الإتيان بمثله، وفيهم العرب العرباء، وأرباب البيان واللسان، نزل ذلك ردًّا عليهم إذ قالوا: لو نشاء لقلنا هذا، كذبوا لا طاقة لهم بفصاحته وبلاغته، كما لا طاقة لهم فى إخباره بالغيوب، مع أنه مخلوق مثلهم، إذ لا دليل عقليا ولا نقليا على ثبوت الكلام النفسى، وأن القرآن هو الكلام النفسى القديم، وأن هذا المتلوّ ترجمته، وقد جعله الله من جنس كلامهم وقال لهم ائتوا بمثله.

فتبين أنه حادث، كما لا إِشكال ودعوى أنه ترجمة عن الكلام النفسى، رجم بما لا يعلمون، والقديم لا يقال بإِعجازه، والإعجاز إِنما هو بالحادث، ويجوز أن تكون الآية تقريراً أيضا لقوله، ثم لا تجد إلخ على أن يؤلف مثله، لا على معنى أنه لا يرد نفس الذاهب.