الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ وَيَسْأَلُونَكَ } أى اليهود، عند ابن مسعود رضى الله عنه، والدليل معرفته صلى الله عليه وسلم بالسائلين، ولو لم يتقدم ذكر اليهود قريبًا أو قريش بتعليم اليهود عند ابن عباس رضى الله عنهما، إذ قالوا لقريش تعنتًا: اسألوا عن الروح، ويناسب الأول قوله عز وجل: { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } لأن المتصفين بالعلم اليهود لا قريش، قال ابن مسعود رضى الله عنه: بينما أنا أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوكأ على عسيب، فمر بنفر من اليهود فقال بعض لبعض: اسألوه عن الروح، وقال بعض: لا لئلا يجئ بما تكرهونه، وقال بعض: اسألوه فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت، فقلت: يوحى إِليه فقمت فلما انجلى عنه قال: { ويسألونك عن الروح قل الروح } الآية، فقال بعضهم: قد قلنا لكم لا تسألوه. وهذا فى المدينة.

وقال ابن عباس رضى الله عنهما: اجتمع قريش أى فى مكة، وقالوا: إن محمداً أنشأ فينا بالأمانة والصدق، وما اتهمناه بكذب قط، فابعثوا نفراً إلى اليهود بالمدينة، واسألوهم عنه، فإنهم أهل كتاب؛ فبعثوا جماعة، منهم النضر بن الحارث، وعقبة بن أبى معيط، وهما أكبر الجماعة، فاقتصر بعضهم عليهما، أو هما المراد بالجماعة، فقال اليهود: اسألوه عن فتية فُقِدُوا فى الزمان الأول، ما كان أمرهم؟ ولهم حديث عجيب؟ وعن رجل بلغ شرق الأرض وغربها ما خبره؟ وعن الروح فإن أجاب عن ذلك كله أو لم يجب عن شئ، فليس نبيًّا، وإن أجاب عن اثنين فقط فهو نبى.

فسألوه صلى الله عليه وسلم، فأخبرهم بأصحاب الكهف وذى القرنين بعد ما رجعوا إليه فى مكة، وسألوه فذلك سؤال وقع فى مكة، ووقع بعد الهجرة، والذى تلبث الوحى فيه هو سؤالهم بمكة، كما روى أنهم سالوه فقال: أخبركم غداً، ولم يقل إن شاء الله، فلبث عنه الوحى اثنى عشر يومًا، وقيل: خمسة عشر، وقيل: أربعين يومًا فقالوا: وعدنا أن يخبرنا غداً فلم يخبرنا، وحزن صلى الله عليه وسلم، وشق عليه ذلك، ثم نزل قوله تعالى:ولا تقولن لشئ إِنى فاعل ذلك غداً إِلاَّ أن يشاء الله } [الكهف: 23 - 24] ونزل فى الفتية:أم حسبت أن أصحاب الكهف } [الكهف: 9] إلخ وفى ذى القرنين قوله تعالى:ويسأَلونك عن ذى القرنين } [الكهف: 83] إلخ.

ونزل: " ويسألونك " { عَنِ الرُّوحِ } ولم يخبره بالروح، وكانت مبهمة فى التوراة فنقول: وقع السؤال فى مكة وفى المدينة، وابن عباس، رواه له الصحابة بحسب ما وقع فى مكة، ومعنى سؤالهم عن الروح أنهم سألوه عن حقيقتها أو محلها من الحيوان، أو أ قديمة أم حارثة، أمجردة أم حالّة فى متحيز، أتبقى بعد الموت أم تفنى، والظاهر السؤال عن حقيقتها، وزعم بعض أن الروح المسئول عنها ملك هو صف، والملائكة كلهم صف، وبعض أنه جنس من الملائكة على صورة ابن آدم، لا ينزل ملَك إِلا ومعه واحد منهم.

السابقالتالي
2 3