الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } * { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }

{ سًنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا } أى تذكَّر سنَّة، أو لا تنس سنَّة فإنها تصيبهم على إخراجك، أو اتبع سنَّة، أو سن لله سنَّة، أو سننا سنَّة، أو كسنَّة، ولسنة إهلاك كل قوم أخرجوا أنبيائهم من بين أظهرهم مرتين، ولو يتسبب فى خروجه، أو إِخراج من بعضهم وتسبب لإخراج من بعض، والسنة لله، وأضيفت للرسل أو لأممهم على تقدير سنة أمم من قد أرسلنا، لأنها لأجلهم.

وقيل: اتبع سنة من قد أرسلنا كقوله سبحانه:فبهداهم } [الأنعام: 90] لا تغير ولو اشتد الأمر وما تقدم أولى وهو أنسب بقوله:

{ وَلاَ تَجِدُ لسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } تغييراً أو تبديلا، فلو أخرجوك لم يلبثوا خلفك إلا قليلا كما هو عادتنا مع من قبلهم، والمراد بنفى وجود التحويل نفى حصول التحويل، ولما ذكر يوم الشدة والحساب بقوله عز وجل:يوم ندعو } [الإسراء: 71] إلخ، وذكر شدة عداوتهم وكيدهم بقوله عز وجل:وإن كادوا ليستفزونك } [الإسراء: 76] إلخ أمره بالتقوى على ذلك، والتخلص من سوئه بإقامة الصلاة التى هى أفضل العبادة، فقال:

{ أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } كقوله تعالى:فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } [طه: 130] إلخ وقوله:فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين } [الحجر: 98] ودلوكها ودلوك القمر والنجم ميلهن عن وسط السماء فى جميع الفصول، وهو زوالهن عنه كما قال صلى الله عليه وسلم: " أتانى جبريل لدلوك الشمس حين زالت فصلى بى الظهر ".

قال جابر بن عبد الله: طعم عندى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم خرجوا حين زالت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم هذا حين دلكت الشمس، وهذا هو الصحيح وعليه الجمهور. وروى عن علىّ وجماعة من الصحابة، أن الدلوك الغروب، والشمس تدلك من الأفق الظاهر إلى الأفق الباطن، ومادة دلك، وما أوله دال فلام بمعنى الانتقال كدلج مشى مقارب الخطو، لثقل الحمل، ودلج بمعنى مشى أراق المائع بإيقاف، ودله الرجل: تحيَّر أو ذهب عقله من الهوى، ودله لسانه: خرج، دمه: أخره، ودلف الشيخ: قارب الخُطى، ودلق الرجل: أراق المائع بالقاف، ودله الرجل: تحيَّر أو ذهب عقله من الهوى، ودلهه: حيَّره وذلك بدنه أو ثوبه مثلا فى الغسل: حكة، وذلك الناظر للشمس عينه ليقوى على شعاعها.

وقد قيل سمى دلوك الشمس لهذا، فأضيف إِليها لأنها السبب واللام بمعنى من الابتدائية، فشمل اربع صلوات يؤدى كلا فى وقتها، وغسق الليل شدة ظلمته لا خمساً كما قيل، لأن الفجر فى غير وقت شدتها، واذكره فى قوله: { وقرآن الفجر } وإن سلمنا أن وقته غسق لبقاء ظلمة الليل معه، لم يتم لأنه يجوز فى أسفار، بل ندب لحديث:

السابقالتالي
2 3