الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلاً } * { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }

{ إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } تسلط على الإغواء والمراد عبادى المخلصين، فالإضافة للتشريف بقوله:إلاَّ عبادك منهم المخلصين } [الحجر: 40، ص: 83] كما يضاف لما استولى عليه الحب، كعبد الدنيا، وعبد الدرهم، وعبد اللحم، وعبد اللبن، وعبد الشيطان، لمن استولى عليه، أو المراد العموم أى لا تقهرهم بل يختارون.

{ وَكَفَى بِرَبِّكَ } أيها الإنسان أو يا محمد، فلا تخافوا منه، فإنما سلطانه على الذين يتولونه لا على من تولى الله، وأجيز الخطاب لإبليس لأن الكلام فيه والنفس تنفر عن أن يكون له، اللهم إلا على طريق التهديد بأنى ربك وأنت ساع فى مخالفتى.

{ وَكِيلاً } من اتخذه مفزعاً إذا وسوس إِليه، أو زال واستشهد لقدرته على حفظ من توكل عليه بقوله:

{ رَبُّكُمُ } أيها الكافرون والخبر قوله { الّذِى } أو هو خبر لمحذوف والذى نعْت أى هو ربكم الذى، أو ربكم نعت للذى فطركم مع الفصل، ولم يشهر النعت بالرب، ولو جاز لأنه بمعنى المشتق كالسيد والملك، أو بدل من رب، لأن الباء صلة فى الفاعل.

{ يُزْجِى } يدفع بالإجراء لئلا تغرقوا، ولتصلوا إلى مطلوبكم، واختاره عن يسوق ليدل على التسخير والقهر، وذلك بآلة القلوع للريح، وآلة النار الموجودة الآن وغير ذلك مما لم نعلمه، أو يحدث كل مقصود بالآية، لأنه تعالى عالم بحدوثه، ولو لم يعلمه الخلق حتى يحدث إِلا أنه إذا أريد بالمخاطبين زمان نزول الآية مخصوصين، فالمراد الريح والقلوع ويقاس عليه ما يمكن لأنه تعالى قادر.

{ لَكُمُ الْفُلْكَ } يحتمل المفرد والجمع والأصل المفرد، وأل للجنس فكأنه جمع.

{ فِى الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا } تطلبوا { مِنْ فَضْلِهِ } مما تحبون من سمك وتجارة وميرة وغير ذلك، ومن للابتداء أو للتبعيض، ويجوز أن تكون صلة فى المفعول به فيما قيل، والأصل عدم الزيادة، وللإثبات والتعريف، وتفسير الفضل بالغزو، والحج غير مناسب، ولو أريد التمثيل لأن الخطاب للكفار، ولا اعتناء لهم بهما.

{ إِنّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } إذ جعل لكم سبيلا إلى جلب ما ليس عندكم، ورحيمًا أيضا بقبول التوبة لما لعن إبليس، قال: أسألك يا رب أن تعيننى على بنى آدم قال: أعنتك، قال: يا رب زدنى، قال:وأجلب عليهم } [الإسراء: 64] إلى قوله:وعدهم } [الإسراء: 64].

فاستعاذ آدم بالله عز وجل وقال: يا رب جعلت بينى وبين إبليس عداوة، قوَّيته علىَّ، فأعنَّى عليه يا رب، قال: إذا عملت حسنة فلك بها عشر، وإن عملت سيئة فواحدة، فقال: يا رب زدنى، قال: أغفر لمن شئت ولا أبالى، فقال آدم: حسبى يا رب.

قيل: الرحيم مختص بالدنيا لحديث: " يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا " وعورض بحديث: " يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما " فلا اختصاص لأحدهما بالدنيا أو بالآخرة، بل يفسر بحسب المقام.