الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً }

{ قَالَ } الله { اذْهَبْ } على ما رغبت فيه من الإبقاء إِلى يوم القيامة، والاحتكاك كما تقول لمن خالفك: افعل ما تريد على ظاهره بمعنى اخرج منها، فإنك رجيم، ويفسر بذلك كله جمعًا بين الحقيقة والمجاز، أو حملا على عموم المجاز، وكل من ذلك رد عليه وتخطئة، فلا يتعين ما ذكرته أولا لقوله:

{ فَمَنْ تَبِعَكَ } فإن الوعيد على متبعه مع تلك التخطئة مطلقة { مِنْهُمْ فَإِنّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا } كاملا اسم مفعول بمعنى اسم الفاعل، وقيل: يجئ وفر متعديا، فهو بمعنى مفعول على ظاهره، أى مكملا كقول زهير:
ومن يجعل المعروف من دون عرضه   بفِرْه ومن لا يظلم الناس يُظلم
والخطاب له ولمن تبعه، غلب الخطاب على الغيبة، ويجوز أن يكون الخطاب لمن خاصة دون إِبليس على طريق الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وإذا قلنا خبر اسم الشرط جملة الشرط، فالرابط هو المستتر فى تبع، وهكذا إِن قلنا جملة الشرط، والجواب، وإن قلنا: الخبر جملة الجواب، فالرابط كاف الخطاب، ولو عادت لغائب لأن مسماهما واحد كما ربط بضمير الخطاب فى قول علىّ:
أنا الذى سمتنى أمى حيدرة   
والراجح أن يقول: أنا الذى سمته أمه، ويعالج الوزن فلم يخل الكلام عن الربط كما ادعاه ابن هشام فى تذكرته، وإن قدرنا فقل لهم: إن جهنم فالرابط الهاء المقدرة ولا التفات، وليس فى ذلك بيان أن إِبليس يحزن بجهنم، لكن يتضمنه وجزاء مفعول مطلق بتجزون محذوفاً، لا بجزاؤكم، لأن معناه نفس لشئ الذى يقال إنه جزاء لا المعنى المصدرى.

وقيل: إِنه تضمن معنى تجزون، فكان ناصباً ولا حاجة إِلى جعله حالا مع أنه غير مشتق إِلا أنه كثر جمود الحال إِذا كانت موطئة كما هنا.