الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً }

{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } أيها المشركون، العلم بعاقبتكم عند الله.

{ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ } بالتوفيق إلى التوبة والإسلام، فتكونوا من أهل الجنة.

{ أَوْ إِنْ يَشأْ يُعَذِّبْكُمْ } بأن لا يوفقكم إِلى التوبة، فتموتوا على الكفر، والمعنى قولوا لهم إن يشأ الله يرحمكم، أو قولوا إن يشأ يعذبكم فأو للتخيير فيما يقولون، ويجوز أن تكون بمعنى الواو، فيقولوا ذلك جميعاً، وقيل للإضراب تهديداً، ويجوز أن يكون قوله: { ربكم أعلم.. } إلخ ليس تمثيلا للتى هى أحسن، بل مستأنف خطاب للمؤمنين، إن يشأ يرحمكم بإنجائكم من الكفار بإهلاكهم، أو إلقاء الرعْب فى قلوبهم، وإِن يشأ يعذبكم تسليطهم عليكم بالأذى كالقتل والنهب.

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } رقيباً وكفيلا أن لا يعصوا، أو موكولا إِليك أمرهم فتقهرهم على الإيمان، بل أرسلناك مبشراً ونذيراً، ومأموراً أنت وأصحابك بتحمل أذاهم، ثم أمره الله بالقتال فقال:يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } [التوبة: 73، التحريم: 9] وقد يقال: المراد أنك لا تسمعهم الحق مع ختم الله على قلوبهم، ولو بالجهاد كما قال الله عز وجل:إنَّ الله يُسمِع من يشاء وما أنت بمسمع مَنْ فى القبور } [فاطر: 22] وهذا يقال به قبل القتال وبعده إلا القهر على الإيمان، فإنه لا إكراه فى الدين، فيؤمنوا بإرادتهم، أو يقتلون.

وروى أن المشركين أفرطوا فى إيذاء المسلمين، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل:وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن } [الإسراء: 53] إلى { وكيلاً } فالخطاب فى قوله عز وجل: { ربكم أعلم.. } إِلخ على هذا للمؤمنين على معنى الإنجاء من الكافر، وعدم الإنجاء كما مر قريباً.

ويروى أن مشركاً شتم عمر فهم بضربه الضرب اللائق به، أو هَمَّ بسبه مجازاة، فأمر فى العموم بالعفو، فيكون سبباً آخر لنزولوقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن } [الإسراء: 53] على هذين السببين فى النزول أن يقال للشاتم سلام عليكم، لا نبتغى الجاهلين، أو هداك الله، أو عفا الله عنك، ويعنى هذه الشتمة فقط أو أصلح الله شأنك، وقد مر جواز طلب الهداية أو يعنى بنحو ذلك كله أن الشاتم على غير صواب لا الدعاء له.