الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً } * { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً }

{ ذَلِكَ } ما ذكر من الخمس والعشرين، وعن ابن عباس رضى الله عنهما: ثمانى عشرة آية من: لا تجعل إلى مدحوراً عشر آيات فى التوراة، وعنه رضى الله عنه: التوراة كلها فى خمس عشرة آية من هذه السورة، ثم تلا { ولا تجعل }.

{ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ } هى معرفة الحق سبحانه لذاته، ومنها التوحيد، ومعرفة الخير للعمل به، ومنه باقى التكاليف التى لا تنسخ، والأمر بالقسمين موعظة، وقد فسرت الحكمة بالموعظة ومن الحكمة حال من ما أو من هذه المحذوفة، أو بدل من ما.

{ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهًا آخَرْ } ذكره أولا، ورتب عليه ما، وغاية الشرك فى الدنيا، وهو الذم والخذلان، والتوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه، ورأس الحكمة، فإنه لا عبرة بعمل من لا قصد له، أو قصد به غير الله عز وجل، أو مع الله، وذكره ثانياً، ورتب عليه ما هو غاية فى الآخرة كما قال:

{ فَتُلْقَى فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا } تلومك الملائكة، وتلوم نفسك، قال الله عز وجل:ولا أقسم بالنفس اللوامة } [القيامة: 2].

{ مَدْحُورًا } مبعداً عن رحمة الله عز وجل، ومن الإشراك وصف الله بالولادة، ولا سيما أخس الأولاد وهو الإناث كما قال:

{ أَفَأَصْفَاكُمْ } أى أفضلكم على نفسه، فأصفاكم { رَبُّكُمْ بِالبَنِينَ } اختاركم على نفسه بالبنين أولاداً لكم خاصة، والإصفاء بالشئ جعله خالصاً لشئ.

{ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ إِنَاثًا } بنات له، وهن نواقص تدفنونهن سبحانه، هذا مما تنكره عقولكم، فكيف كابرتموها؟ القائلون الملائكة بنات الله، هم خزاعة وبعض النصارى يجعلون لله ما يكرهون، و ذلك من تلوين الخطاب من مخاطب إلى مخاطب، والاستفهام التوبيخى منسحب على أصفاكم، وعلى اتخذ المعطوف على أصْفاكم، واتخذ متعد لواحد، ومن متعلق به أو حال من إناثاً أو متعد لاثنين ثانيهما من الملائكة، أو بنات محذوف، ومن الملائكة حال من إِناثاً، ومن على كل حال للبيان لا للتبعيض، لأنهم يقولون الملائكة بنات الله لا بعض الملائكة، واختار إِناثاً على بنات لأنه أصرح فى الأنوثة التى هى أخص صفات الحيوان قال الله عز وجل:وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً } [الزخرف: 19] كفروا نسبة الولادة لله، وكفروا باعتقاد أن الملائكة إِناث.

{ إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا } لأن الولادة تولد التجسيم لله، والجسم ناقص فإنه حادث عاجز، وما يلد يفنى، ولتفضيل أنفسهم بالبنين على الله، وإِثبات الولادة نفى للألوهية.