الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً }

{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ } مربوطة إلى عنقك بجامعة أى لا تترك مدها بالإعطاء، كأنها مربوطة إلى عنقك.

{ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ } بالإنفاق الكثير، حتى لا يبقى فيها شئ، ومَن بسط يده ولم يقتض بها سقط ما فيها، أمره الله بالتوسط فى الإنفاقوكان بين ذلك قواماً } [الفرقان: 67] وذلك بين الشُّح والتبذير، وخير الأمور أوساطها، قال صلى الله عليه وسلم: " ماعال من اقتصد " أى ما افتقر رواه أحمد عن ابن عباس. قال ابن عمر: قال رسول صلى الله عليه وسلم: " الاقتصاد فى النفقة نصف المعيشة " رواه البيهقى. وعن أنس عنه صلى الله عليه وسلم: " التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين " ويقال: حسن التدبير مع العفاف خير من الغنى مع الإِسراف.

{ فَتَقْعُدَ } فتصير { مَلُومًا مَحْسُورًا } أو فتعجز عن الطريقة الوسطى المحمودة، كالذى لا يطيق القيام حال كونك ملوماً، أى معاتبًا أو مذموما عند الخلق والخالق، ونصب تقعد فى جواب النهيين على معنى لا يكون منك ذلك، ومن الخلق اللوم أو الذم لك، والانقطاع منك، وملوما عائد إلى قوله: { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } وقوله: { محسوراً } عائد إلى قوله: { ولا تبسطها كل البسط } ومحسوراً مقطوعاً بك عن المال، يقال:حسره السفر إِذا أثر فيه، قيل: أو نادما فيكون مفعول بمعنى فاعل، الإنسان يحسر نفه، أى يتسبب فى قطعها عن المال، فهو حاسر لنفسه، وهو محسور، وحسره الله، فهو محسور، والإسراف حسره، فهو محسور.

قال جابر بن عبد الله: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس أتاه صبىّ فقال: إن أمى تستكسيك درعًا أى قميصا، فقال صلى الله عليه وسلم: " من ساعة إلى ساعة يظهر فعد إلينا " فذهب إلى أمه فقالت قل له: إن أمى تستكسيك الدرع الذى عليك، فدخل صلى الله عليه وسلم داره، فنزع قميصه وأعطاه وقعد عريانا، وأذن بلال وانتظروا الصلاة فلم يخرج، فأنزل الله الآية فسلاه الله عز وجل بقوله فى العموم البدل فى كل معسر.