الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً }

{ وَكَمْ } كثيراً { أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ } الأمم، سمى القرن قرنا لاقترانهم فى زمان واحد، والفرن أهل مائة وعشرين سنة، بُعث صلى الله عليه وسلم فى أول قرن آخره يزيد بن معاوية، وبذلك قال عبدا لله بن أبى أوفى: وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل: " عش قرنا " فعاش مائة سنة، وقيل: عاش مائة وعشرين، وقيل: مائة سنة، روى مرفوعا، وبه قال محمد بن القاسم المازنى، وقيل: ثمانون، وقيل: أربعون، ومن للبيان.

{ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ } كعاد وثمود، ومن هذه للابتداء أو صلة، والأولى للبيان، وقد ذكر ابن هشام وابن مالك كونها صلة ما ذكر نوحاً أول السورة قال هنا: " من بعد نوح " وأيضا أنه أول نبى حلت العقوبة على قومه، فلم يقل من بعد آدم وشيث، ولم يدخلهم فى القرون تهديداً بما أصاب قومه من العقاب، إذ هو أول نبى آذاه قومه فاستأصلهم الله عز وجل.

{ وَكَفَى بِرَبِّكَ } الباء صلة، وربك فاعل { بِذُنُوبِ عِبَادِهِ } متعلق بقوله: { خَبِيرًا } أو بقوله: { بَصِيرًا } ، ويقدر للآخر لا على التنازع لتأخرهما بعلم بواطن الأمور، وظواهرها فيعاقب عليها، وكذا يثيب، ولما كانت الخبرة متعلقة ببواطن الأمور والبصر بظواهرها قدم الخبرة، لأن الباطل متقدم بالشرف على الظاهر، ولتقدم اعتقاد القلب على أعمال الجوارح، وجاء الحديث: " إن الله لا ينظر إِلى صوركم ولكن ينظر إِلى ما فى قلوبكم " و " إِنما الأعمال بالنيات " ولأن الخبرة أعم من البصر، لأنها تتعلق بالمبصرات وغيرها، والمدرك بالبصر أظهر، تعالى الله عن البصر، ومعنى بصير عالم بظواهر الأمور، وذكر بعض أن الخبير هو الذى لا يعزب عنه الأخبار الباطنة، لا يحصل شئ بلا علم منه به، أو الخبير مستعمل فى العلم بالباطن - باللام بعد الطاء -.