الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ }

{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا } عمل صالحا من فرض أو نفل، ودخل فيه ترك ما نهى عنه { مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى } والخنثى ذكر عن الله أو أنثى أو اقتصر على الغالب وفى ذكر الذكر والأنثى ترغيب لها، ودفع لتوهم أن لا ثوب لها، كما روى أن النساء اشتكين أنهن لا يذكرن فى الخير، فأوحى الله إليه صلى الله عليه وسلم أنهنَّ مشتركات مع الرجال فيما عملوا لإعانتهن بالقيام بالبيت، ومصالح الرجل، وذلك مثل قوله تعالى:إن المسلمين والمسلمات } [الأحزاب: 35] إلخ ومثل قوله: { من ذكر أو أنثى }. { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } موحِّد غير مصر على ذنب، إِذ لا ثواب للمشرك ولا للمصر، لأن الإحباط مراعى كالإحباط بالمن والأذى، وكقول عائشة: قل لفلان إنه أحبط عمله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيع ربا بتذرع كما ذكره الشيخ عامر فى الإيضاح، واختلف فى المشرك، هل ينقص عذابه فى النار بحسناته فى الدنيا؟ الصحيح لا، ونسب للجمهور، وكثرت أدلته فإن صح عنه صلى الله عليه وسلم أن أبا طالب فى ضحضاح من فر إلى كعبيه فقط، والتخفيف عن أبى لهب فى كل يوم اثنين، فمن خصوصياته صلى الله عليه وسلم، وأعظم من هذا ما ذكروا أَنه يسقى أبو لهب فى مثل نقرة الإبهام، وقوله تعالى:فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه } [الزلزلة: 7] خاص بالسعداء، وما بعده بالأشقياء، وأما دفع السوء فى الدنيا بما عمل من خير فوقع لا يختلف فيه.

{ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } فى الدنيا بالقناعة والرزق الحلال، موسراً أو متوسطا أو معسراً، وإراحة القلب عن الجزع، والحرص، وعدم القلق إذ صدق بأَن الله عز وجل ضمن رزقه ولو يومًا بيوم، ورضى بقسم الله، وانتظر أجر الآخرة، وإذا جاءه سوء لم يشتد عليه ما اشتد على الكافر، لأنه قد يتوقعه، فلم يجئه من حيث يتوقع الخير، بخلاف الكافر فإنه ما يتوقع السوء، فإذا جاء جاءه من حيث يتوقع الخير، فيزيد شدة فى قلبه، والمشرك والفاسق فى تعب القلب، أو مع البدن، ولو فى إيسار خوف النقص.

وقيل: الحياة الطيبة لمدة الطاعة، وقيل: فى القبر لأنه يستريح من أذى الدنيا، فعنه صلى الله عليه وسلم: " القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار " وقيل: الحياة الطيبة الحياة بالحلال لأنه لا يترتب عليها عقاب بخلاف الحياة بالحرام، كما جاء: " كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به " وفيه أن المقام ليس لهذا، وقيل: فى الحنة لزوال الأذى فيها البتة، والصحيح أن ذلك فى الدنيا، أو فى البرزخ يأكل من ثمار الجنة عند باب الجنة، وإن كان شهيداً ففيها حتى تقوم الساعة ويموت كل شئ إلا الله، فلا أكل وأما الآخرة ففى قوله:

السابقالتالي
2 3