الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ مَا عِنْدَكُمْ } من الدنيا، ولو مما حل لكم { يَنْفَدُ } ينقضى.

{ وَمَا عِنْدَ اللهِ } فى الآخرة من الجنة لمن لم ينقض { بَاقٍ } لا ينقضى ومن الجائز أن يقال ما عند الله باق شامل لاستمرار الغنائم والفتوحات، وما يتأهل بالإسلام، وأيضًا تتصل نعم الدنيا الإسلامية بنعم الآخرة التى تدوم، فذلك دوام، أو ما عند الله فى الموضعين نعم الآخرة، أخبرنا سبحانه أنها خير من الدنيا وأنها باقية، ولا تكرر بهذا، ولعن الله حبهم بن صفوان على قوله: بأن نعم الآخرة تنقضى، بخلاف ما يعدكم به المشركون فشئ محصور حقير.

{ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا } على الوفاء وعدم النقض والفقر وإيذاء الكفار ومشاق التكليف، وعن اللذات، وعلى المصائب.

{ أَجْرَهُمْ } على ذلك مفعول ثان { بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } متعلق بأجرهم، ونجزى بمعنى نعطى، أى نعطيهم الإثابة بحسن ما يعملون، وأحسن خارج عن التفضيل بمعنى حسن متحرز به عن القبيح من أعمالهم، وما مصدرية أو اسم أو أجرهم مفعول مطلق لنجزى، والباء متعلق بنجزى، ولنجزينهم الجزاء المتأهلين له، والمراد ثواب عملهم الحسن، وهو الفرض والنفل، والصباح الذى قصدوا به العبادة أو باق على التفضيل بمعنى أنهم إذا صلوا قعودًا أو مضطجعين لعذر، متيممين كتبنا لهم الصلاة بوضوء وطهارة كاملة فى القيام، وما أشبه ذلك.

وأما ما قيل من أن المعنى بجزاء أحسن من أعمالهم، فلا يصح لأن فيه إضافة اسم التفضيل إِلى ما لا يشمله لا تقول: يوسف أحسن إخوته، لأن إخوةه لا تشمله، وتقول يوسف أحسن أولاد يعقوب، لأن أولاد يعقوب يشمل يوسف، وذلك أنه فسر أحسن بالثواب، ولو فسر بالعمل لجاز لأنه يشمله، فيجوز أن يقدر لنجزينهم بالعمل الأعلى على العمل الأدنى، مثل أن يجازيهم بالفرض على الفعل يعطيه على النفل ثواب الفرض، ومن الأحسنية أن الحسنة بعشر فصاعداً أو أحسن ما كانوا يعملون الصبر، وهو من أعمال القلب، وهو من جملة الأعمال، وهو أحسنها لأن جميع التكاليف محتاجة إليه فهو رأسها.