الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

{ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ } بترك الميل عن الحق، والميل الجَوْر، يقول: مال بمعنى جار، ودين الله وسط لا إِفراط ولا تفريط، إما اعتقاداً كالتوحيد بين نفى الله وإثباته مع الشركة، وكإثبات صفات الله، وإنما هو بين نفيها وإثباتها مع اعتقاد أنها غيره يحتاج إليها حاشاه عن الحاجة، وقد عاب على الأشعرية ابن العربى إذ قال لا فرق بين قول من يقول: إنها عيره، وقول من قال إن الله فقير إلا تزيين اللفظ، وكالقول بأَن فعل المخلوق كسب منه، وخلق من الله المتوسط بين دعوى أنه مجبر علىعمله، لا كسب له فيه، وبين دعوى أنه خالق لا قدرة لله فيه.

وإما عملا كأداء الواجب المتوسط بين البطالة والانقطاع بالكلية إلى العمل وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا رهبانية فى الإسلام " وفى الهند قوم يتقربون إلى الله بترك اللذات كلها، وإليه وإلى ملكهم بقتل أنفسهم بالنار أو بالإِلقاء من عال.

وإما خلقه كالجود بين البخل والتبذير، والشجاعة مع التحرز بين التهور والجبن، ودخل فى العدد الحكم بين الخصمين بالحق، بين الأولاد والأزواج.

{ وَالإِحْسَانِ } يفعل الطاعات والمبالغة فى تجويد الفرض، وفى الحديث: " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه " وقصر بعضهم الآية على الحديث، وقيل: العدل التوحيد أو الإنصاف والإحسان أداء للفرائض، وذلك إحسان الإنسان إلى نفسه وإلى غيره من الخلق، ويجوز أن يكون الإحسان الإتيان بالأعمال حسنة صحية مجوَّدة.

قال عيسى بن مريم: الإحسان أن تحسن إلى من أساء إِليك، وليس أن تحسن إِلى من أحسن إليك، كأنه يشير إِلى أن الإحسان إِلى من أحسن إليك كالفرض، وقيل: العدل أن ينصف من نفسه لغيره، وينتصف لنفسه من غيره، والإحسان أن يتصف ولا ينتصف، وقيل: العدل فى الفعل والإحسان فى القول وهو قول بعيد عن العدل والإنصاف، وعندى العدل أداء الواجب مطلقاً، والإحسان الزيادة عليه.

{ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَى } من جهة الأب أو الأم ما يحتاج إليه وجوبا إن اضطر إليه، وندبًا إن لم يضطر إليه، فهو داخل فيما مر من فرض أو نفل، وخصه إيذانا بشرفه إذ فيه صدقة وصلة، وفى الحديث: " أعجل الطاعة ثواب صلة الرحم "

{ وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ } الزنى وهو أقبح أحوال الإنسان، وقيل: ما ازداد قبحه من زنى أو غيره.

{ وَالْمُنْكَرِ } قيل ما ينكر على فاعله من إنهاض القوة الغضبية، وكل فحشاء منكر، وكل منكر فحشاء، وامتاز بالإنهاض المذكور، والواضح أن المنكر ما حرمه الشرع، وقيل: ما وعد عليه النار، والفحشاء: ما اشتد تحريمه فهو أعم منها، وقيل: المنكر الشرك وهو مباين للبغى، فتحصل فى الآية عطف الخاص على العام، وعطف العام على الخاص، وعطف مباين.

السابقالتالي
2 3