الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ }

{ وَإِذَا رَأَى الّذِينَ } الناس الكافرون الذين { أَشْرَكُوا } بالله غير (شُرَكَاءَهُمْ) مفعول به لرأى، وهم الشياطين مطلقا، وشياطين الأصنام التى تتكلم من أجوافها هؤلاء الشياطين قيل والأصنام لا شركة بينهم و بين الكافرين العابدين لها فى مثل، ولا ألوهية، وأضيفت إليهم، لأن الإضافة تصح لأدنى ملابسة إذ كانوا يسمونها شريكة الله، وادعوا الشركة لها، وكذا فى قوله: شركاؤنا.

قلت: بل يجعلون لها فى أموالهم نصيباً وهى شريكة لله على زعمهم فى الألوهية، وشريكة لهم فى أموالهم، والأولى أن شركاءهم ما يعبدونه من صنم أو وثن أو شيطان أو آدمى أو ملك، وقيل: شركاءهم المشركون الذين دعوهم إِلى الإشراك، وقيل: شركاءهم فى العقاب فسموا شركاء، ولا يظهر هذا، ولا القول الذى قبله لقولهم: كنا ندعوا من دونك، وإما أن الإضافة للحمل على الكفر قد يصح إلا من جانب الشياطين.

{ قَالُوا } أى الكفار العابدون لها، يقولون بألسنتهم، أو تخرس، ويقولون بجوارحهم.

{ رَبَّنَا هَؤُلاَء } الأصنام والشياطين ومَن ذكر { شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا } نعبد { مِنْ دُونِكَ } ولفظ الذين تغليب للعقلاء وهم الشياطين والملائكة والآدميون أو لدعواهم أن الأصنام عقلاء، وكذا قوله:

{ تَألَفوْا } فعل ماض، والواو للشركاء خلق الله السمع والتمييز للأصنام فتتكلم كما قال فألقوا { إِلَيْهِمُ } إِلى الكافرين العابدين لها { الْقَوْلَ } وقوله:

{ إِنّكُمْ لَكَاذِبُونَ } مفعول للقول، فيكون من إعمال المصدر المقرون بأل، أو لألقوا، لأن معناه قالوا فإن إلقاء القول هو التكلم به، والمعنى إنكم لكاذبون فى قولكم أن لله شركاء لا شريك له، وهذا تقوله هؤلاء الشياطين ولأصنام وغيرهم، أو المعنى إنكم لكاذبون فى العبادة ما عبدتمونا، تقوله الشياطين إنكاراً للواقع خوفًا وتقوله الأصنام بمعنى إنا لا نشعر بها حين أوقعتموها، وإنما العبادة ما عرفه المعبود وقبله، وما سوى ذلك فيه العقاب التام واسم العبادة، وهنا أجابت الأصنام ولا ينافى قوله تعالى: فدعوهم فلم يستجيبوا لهم، لأن المعنى لم يجيبوا بالشفاعة، ودفع العذاب، أو المعنى: إنكم لكاذبون فى دعوى العبادة، بل عبدتم أهواءكم، وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم إلخ، وهذا تقوله الشياطين والأصنام إنكم عبدتم أهواءكم " كلا سيكفرون بعبادتهم ما كانوا إيانا يعبدون ".

ومعنى قول الملائكة ونحو عيسى إنكم لكاذبون ما رضينا أن تعبدونا أو أن عبادتكم باطلة، وإنما قالوا: ربنا هؤلاء إلخ تعجباً من إحضار الأصنام، مع أنه لا ذنوب لها، واعترافًا بخطئهم، وطمع فى أن يعذروا بعض عذر، فيسقط عنهم بعض العذاب، أو طمعًا أن يحط عليها، وعلى هؤلاء الشياطين نصف ذنوبهم أو أقل أو أكثر، أو طمعًا فى أن ينجوا من العذاب كله بالمعبودين الذين لا تحق لهم العبادة، ولا تحق إلا لله عز وجل، رد الله عز وجل عليهم بقوله:إِنَّكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [الأنبياء: 98] وذلك تعذيب لهم بها لا تعذيب لها.