الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ }

{ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللهِ } يعرفون جنس النعم أنها من الله، إِذ يعترفون بما ذكرو ما لم يذكر، وهذا ظاهر فى أن تولوا ماض، وإلا كان فيه التفات من الخطاب إِلى الغيبة والمضارع للاستمرار، أو لحكاية الحال الماضية.

{ ثُمَّ } لاستبعاد عملهم بمقتضى إِنكار معرفة أنها من الله { يُنْكِرُونَهَا } بعبادة غير الله، فإن عبادة غير الله شئ أن غير الله هو صاحب النعم، وهذا إنكار بالفعل أقوى من الإنكار بالقول، وعبادتهم لله مع غيره ضائعة، كأنهم لم يعبدوا إِلا غير الله، وقيل: ينكرونها بقولهم أنها شفاعة آلهتنا، أو سبب كذا كنوء كذا، أو بعدم أداء حقوقها، أو نعمة الله نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، عرفوها بالمعجزات، وأنكروها بألسنتهم عناداً.

كما سأل الأخنس أبا جهل عن محمد صلى الله عليه وسلم فقال: هو نبى رواه ابن حاتم، أو نعمة الله الإسلام يعرفون فضله له وينكرونه بالمخالفة أو نحو قولهم: لولا كلابنا لسرقنا، ولولا فلان لم أصب كذا، وقولهم: ورثناها عن آبائنا، وغفلوا عن أنها من الله عز وجل، أو يعرفونها فى الشدة وينكرونها فى الرخاء.

{ وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ } كلهم، كقوله:الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون } [النحل: 75] قيل أو تحرز عمن لم يعرف الحق لنقض عقله، أو للتفريط فى النظر، فإنه لم يكفر النعمة صراحًا، أو لم يبلغ حد التكليف، وفيه أنه لا يتصور استثناء القليل بأنهم غير كافرين، مع أن الكلام فيمن تحقق أنه يعرف النعمة ويجحدها لا غيره، ولعل المراد أن القليل من مطلق المشركين لم يصرح بإنكار النبوة، أو لم تحضر فى قلبه نفيًا ولا إِثباتًا، أو لم يعبد الصنم، أو لم يعلم النعمة من الله، ولا يعذرون فى ذلك.