الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

{ وَللهِ غَيْبُ } أى علم غائب { السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } لا يعلمه سواه بحس ولا بدليل يؤخذ من محسوس أو من عقل، ودخل فى ذلك قيام الساعة، وفسر به.

{ وَمَا أُمْرُ السَّاعَةِ } مع عظم أمرها، والمماراة فيها { إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } ما قيامها فى السرعة والسهولة إلا كنظرة بعين، وفسر أيضًا بقوله تعالى:عنده علم الساعة وينزل الغيث } [لقمان: 34] الآية، والتعميم أولى، وإن شئت فلا تقدر علم غائب السماوات والأرض، فيكون المعنى لله غائبهما عن علوم المخلوقين، وأَو لشك المخلوق، أو تشكيك الله إياه أو للتخيير على جوازه فى الإخبار مطلقا، أو بشرط التشبيه كما فى الآية، أو للإضراب الانتقالى لا الإبطالى، لأن الله جل وعلا لا يقول بالباطل إلا أن يقال الأول على سبيل الفرض، وهو لمح البصر، والثانى محقق، وهو كونه أقرب، ككونه فى نصف لمح البصر، واللمح: النظر الخفيف السريع، وفسر برجع الحدقة من أعلاها إلى أسفلها.

وفيه مع ذلك أجزاء دقيقة من الزمان، وذلك أن الله يحيى الخلق فى آن واحد، لا يقبل التجزؤ، ولو تفاوت خروجهم من قبورهم، ومعنى التخيير أن الله عز وجل خيّرنا أن نشبه أمرها بكلمح أو بأقرب، وأو لمنع الخلق لا لمنع الجمع، لجواز أَن يشبه باللمح وبأقرب، ويجوز أن يكون المعنى أن قيام الساعة، ولو تراخى وقوعه هو قريب عند الله شبه بلمح البصر أو أقرب، كما قال:وإِنَّ يومًا عند ربك كألف سنة } [الحج: 47] فى أحد أوجه.

وفى هذا التفسير الآخر الأوجه المذكورة فى أو، ولكون أمر الساعة كلمح البصر أو أقرب مناسبة لعلم الغيب، ولعلم الغيب مناسبة للذى يأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم، لأنه لا يكون كذلك لا يعلم، وقيل: المعنى: ما إماتة الناس كلهم آخر الدنيا، وإحياؤهم إلا كلمح البصر.

{ إنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } لا بعجزه شئ، فهو قادر أن يحيى الخلق دفعة، كما خلقهم تدريجًا، لأنه يفعل بلا آلة ولا علاج ولا كسب، واستدل على ذلك بقوله:

{ وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ } العطف على أن الله على كل شئ قدير، وقيل: علىوالله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } [النحل: 72] الهاء زائدة كأهراق فى أراق. أمهات للعموم، وقيل للأناسى، والأمات للحيوانات، وقوله: { لاَ تَعْلَمُونَ } حال من الكاف { شَيْئًا } مفعول به، أى شيئًا من المعلومات، أو مفعول مطلق، أى علمًا والأول أنسب، وعلى الثانى لا مفعول لتعلم، أى لا علم لكم، والمراد قيل: لا تعلمون شيئًا من حق المنعم وغيره، أو شيئًا من منافعكم، أو مما قضى من سعادة أو شقاوة، أو مما أخذ عنكم من الميثاق يوم قال:

السابقالتالي
2