الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

{ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ } ولد أخرس، لا يتكلم، ومن ولد كذلك فهو لا يسمع، فهو لا يفهم، إلا بالإشارة، والتجربة والوجدانيات والبصر والمس والذوق.

{ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَئٍ } من الأمر بالعدل، ومن السيرة الحسنة أدبًا وشرعًا، ومن المنافع الصنائع لنقص عقله.

{ وَهُوَ كَلٌّ } ثقيل فى الغالب { عَلَى مَوْلاَهُ } من بلى أمره من أب أو عم أو قائم ما أو سيد.

{ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ } مولاه فى أمر خير { لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } مراد أو خير غير مراد، بل يأت بشر أولا به ولا يخبر، والرجل الآخر مذكور فى قوله عز وجل:

{ هَلْ يَسْتَوِى هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أى والفصيح الذى يأمر الناس بالعدل ويرشدهم إلى مصالحهم، وينفعهم وهو فى نفسه مهتد متمكن من الدين، تمكن الراكب على المركوب، ولذا قال: على صراط، ولم يقل فى صراط، وهو خفيف على أهله، ذو صنائع إذا قصد أمرا تلقّاه، فأين هذا من الذى يشمله المثل السائر: أينما أوجه ألق سعداً، رجل يسمى أخبط رئيس قومه، وهم سعد جفوه، فارتحل عنهم إِلى قوم فوجدهم قد جفوا سيدهم، كما جفاه قومه، أى أينما أوجه ألق عشيرة كعشيرتى فى الجفاء، وليس سعد رجلا شريرًا كما قيل، بل عشيرته شريرة.

وهذا المثل المضروب دفع المشاركة الأصنام الله جل وعلا أو دفع لمساواة الكفرة للمؤمنين، وكونه آمرا بالعدل، وكونه على صراط مستقيم كما ما يناقض البكامة والعجز والثقل، وعدم الإتيان يخير اللاتى هن صفة الأصنام، لا نفع فيها، وتحتاج إِلى حاملها وماسح الأذى عنها، وقيل: الأبكم أبو جهل، والآمر بالعدل عمار رضى الله عنه، وقيل: الأبكم أُبىّ بن خلف، والآمر بالعدل عثمان بن مظعون، ولا يصح ذلك.

وعلى صحته المراد التمثيل، أو يعتبر أن خصوص السبب لا يبطل عموم الحكم فى اللفظ، وقيل: فى عثمان بن عفان، وعبدٌ له كافر يسمى أسيد بن العيص، ينفقه عثمان ويقوم بمصالحه، ويأمره بالتوحيد والصدقة، فيخالفه ويعكس.