الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ }

{ وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِى الرِّزْقِ } غنى وأغنى وفقير وأفقر بمحض تفصيل الله، فكم من عاقل محتال قوى، يكون فقيراً، وقليل العقل عاجز يكون غنيًا.
ومن الدليل على القضاء وكونه   بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
وكذلك فضل بعضًا على بعض فى نحو الذكاء والبلادة، والحسن والقبح، والصحة والسقم، قال الله عز وجل:نحن قسمنا بينهم معيشتهم } [الزخرف: 32] إلخ منهم رازق نفسه، ومن تحت يده، ومرزوق ممن فوقه من أب وسيد، وكم مملوك يرأس على مماليك تحته.

{ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا } فى الرزق.

{ بِرَادِّى } معطى { رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } بل الله يعطى المماليك على أيدى ساداتهم، ولو جاز يقال رزق السيد مملوكه، بمعنى أنفق عليه كما قال الله عز وجل:فارزقوهم منه } [النساء: 8] وزعم بعض أن الله عز وجل عابهم بأنهم ما ردوا مما فى أيديهم على ما ملكت أيمانهم حتى يستووا، سمع أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما هم إخوانكم فاكسوهم مما تلبسون وأطعموهم مما تطعمون " فما رأى عبيده إِلا رداءه رداءه، وإِزاره إزاره.

{ فَهُمْ } أَى المفضلون وما ملكت أيمانهم { فِيهِ } فى الرزق { سَوَاءٌ } فى أن رازقهم الله عز وجل لا غيره، والجملة لازمة ومؤكدة لقوله: فما الذين الخ، ورد على المشركين فى قولهم: إنهم الرازقون تحقيقًا لمن تحتهم وإذا لم ترضوا بشركة مماليككم لكم فكيف رضيتم لله بمشاركة ما هو له فى العبادة، وما تأكل مماليككم أرزاقكم، بل أرزاق أنفسهم.

{ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ } يعدلون عن الحق ويجحدون بنعمة الله، أو أيشركون به تعالى، ويجحدون، أو أيعجبون ويمنون على من تحت أيديهم فيجحدون بنعمة الله، أو لا يفهمون فيجحدون عداه بالباء لضمينه معنى يكفرون، وأخره على طريق الاهتمام والفاصلة، أو هى خلة، ومعنى جحودهم النعمة أنهم يدعون لله شركاء، وللشركاء بعض النعم، فنفوا ذلك البعض عن الله عز وجل، ويضيفونه للشركاء، وأيضًا أنكروا هذه الحجج، ولم يقروا أنها دالة على وحدة الله عز وجل، ولا أنها نعمة.