الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }

{ يَخَافَون رَبَّهُمْ } عذاب ربهم { منْ فَوْقِهِمْ } حال من رب، والمراد علو شأْن عليهم بالقهر كما قال:وهو القاهر فوق عباده } [ألأنعام: 18، 61] أَو متعلق بمحذوف بمعنى يخافون عذاب ربهم الآتى من فوقهم، أَو يخافون عذابه آتيا، وليس صفة أو حالا كاشفا بل مؤسسا لأن العذاب يكون من تحت كما يكون من فوق، والجملة تقرير لقوله:لا يستكبرون } [النحل: 49] أو بيان له، ومن خاف الله لم يستكبر عن عبادته { وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُون } به من فعل أو ترك إذ هم مكلفون بمعنى أَنهم مأمورون منهيون، أو غير مكلفين بمعنى أنهم لم يكلفوا ما فيه مشقة، إذ لا تلحقهم مشقة فى عبادتهم، وحذف العائد المجرور مع عدم شرطه للعلم به، وهكذا غير هذه الآية، وإن لم يعلم لم يحذف نحو عجبت فيما رغبت إِذا لم يدر رغبت فيه أو عنه، والمانع وهو المشهور بجعل ما مصدرية بمعنى يمتثلون أمرهم أى أمر الله إياهم استدل بعض بالآية على عدم عصمة الملائكة على معنى أن لهم نفوسا تدعو للمعصية وهو خطأٌ لأن خوفهم إجلال لا خوف وعيد عند بعض، وصححه بعض ونقله عن ابن عباس رضى الله عنهما، أو لما قال: نجزيه جهنم منعهم ذلك على أن يكون لهم ميل للمعصية فهم معصومون عنها، والصحيح أن خوفهم خوف وعيد لقوله تعالى:وهم من خشيته مشفقون } [الأنبياء: 28]ومن يقل منهم إني إله من دونه } [الأنبياء: 29] إلخ ولا ينافى ذلك عصمتهم، وقد يجاب بأَن المراد: أشفقوا أن يكونوا لم يبلغوا القدر الواجب من إِجلاله عليهم، والخوف مستلزم للرجاءِ فهم راجون، ولا سيما أنهم يخدمون أكرم الأكرمين.