الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلاۤ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلاغُ ٱلْمُبِينُ }

{ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا } بعض لبعض وللمسلمين وغيرهم { لوْ شاءَ اللهُ مَا عَبدنَا مِنْ دُونِهِ } متعلق بمحذوف حال من شىء فى قوله: { مِنْ شَىْءٍ } وجاز تقديم الحال على صاحبها المجرور لأن الجار صلة لتأكيد، وهو تأْكيد العموم فيكون نصا فى الاستغراق ومن فى قوله: من دونه، للبيان، والمعنى من غيره، وكذا فى قوله: { ولا حرمنا من دونه من شىء } ولا وجه لجعل من فيه زائدة أو للتوقف مع جعله فى الأول للبيان بل لا تزاد من فى الحال، ومسوغ الحال من النكرة تقديمه عليها وتقدم النفى { نَحْنُ } ليس تسويغا لعطف على الضمير المتصل المرفوع لوجود الفصل بخمسة أشياء غير نحن، والسادس (لا) فى قوله: { وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَىءٍ } من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام، ولما صدرت منا عبادة غير الله، وتحريم ما ذكر علمنا أن الله راض بذلك، ولو لم يرض لم يخلق ذلك الفعل منا، أَو لم يخلقنا إليه وأجبرنا على خلافه فلا عقاب علينا ولا قبح ولا فائدة فى إنزال الكتب وإرسال الرسل فلا كتاب من الله ولا رسول، فقد علموا ما لم تعلمه المعتزلة إذ قالوا: خالق الفعل فاعله لا الله، ولا علم به حتى يقع، وطائفة تقول: علم به قبل، ويلزم أن يكونوا مؤمنين بذلك لأن إشراكهم وتحريم الحلال وتحليل الحرام لا يثبت معها الإيمان، ولو قالوا: إن أفعالنا خلق من الله، وقيل: قالوا ذلك استهزاءً بالإسلام والمسلمين ومنعا للبعثة والتكليف متمسكين بأَنه لا يكون إلا ما شاءَ الله، واشتركوا هم والمعتزلة فى أن الله لا يريد القبيح { كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أَشرك من قبلهم وأحلوا ما لم يحل وحرموا ما لم يحرم، وأنكروا الرسل فأَهلكوا وعذر الله رسلهم بالتبليغ { فَهَلْ علَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاَغُ } تحصيل البلاغ أَو اسم مصدر أى التبليغ أَو الإِبلاغ { الْمُبِينُ } الموضح أَو الواضح.