الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } * { إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ }

{ أَمْوَاتٌ } هم جماد غير متصفين بالحياة الآن { غَيْرُ أَحْياءٍ } بعد فلم تلحقهم حياة قط ولا تلحقهم إلا إذا أحياهم يوم البعث للشهادة على عابديهم فكيف يلحقون بمن لم يتصف بغير الحياة قط ولن يتصف به بعد، وليسوا كميت تلحقه حياة بعد مثل النطفة والبيضة، ومثل الإِنسان يموت ويبعث وهم منكرون للبعث أَو هم أَموات غير أَحياءٍ بالذات، والله - جل وعلا - حى بلا أَول ولا آخر ولا بمحيى كما هو شأَن الإله والملائكة وعيسى وعزير أحياء لا بالذات بل بمحيى بدليل سبق العدم، فقد بان لك وجه ذكر غير أحياء بعد ذكر أَموات، أَو ذكر تأكيداً { وَمَا يَشْعُرُونَ } أى الآلهة { أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } أى عابدوها، لا يعلمون متى يبعث عابدوهم، أَو الخلق مطلقا، ومن شأَن من هو الله أن لا يخفى عليه شىء ولا يعجزه شىء فكيف يطمعون فى أن يثيبهم على عبادتهم ولا يدرون متى يبعثهم الله للشهادة على عابديهم بالعبادة سواء الأصنام والملائكة وعيسى وعزير، يبعث الله الأَصنام حية مع شياطينها فتبرأَ من عابديها فيؤمر بالكل إلى النار كما قاله ابن عباس رضى الله عنهما، أَو الواو للألهة ويلزم من نفى شعورهم بوقت بعثهم نفى شعورهم بوقت عبدتهم، أو للأَموات المذكورين بمعنى الكفار، أَى لا يدرى الكفار متى يبعثون للجزاءِ فيكون خارجاً للوعيد، وأَيان اسم استفهام متعلق بيشعر لا ظرفا لقوله:

{ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } بمعنى أن الله مختص بالأُلوهية يوم يبعثون لا يدعيها أَحد معه كما فى الدنيا لأَن ذلك مخرج لأَيان عن الاستفهام إلى الظرفية المحضة كيوم، وليس المعنى على ذلك بل المعنى، إِلهكم الذى هو أهل للعبادة هو إله واحد وهو الله سبحانه وتعالى وعز وجل، وهذا نتيجة لما قبله، وفذلكة أُعيد بعد الاحتجاج عليهم مفصلا موضحاً وتوطئة لقوله: { فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلوُبُهُمْ مُّنْكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } فإنهم أصروا على عبادة غير الله لإنكار قلوبهم وحدة الله بالأُلوهية ولاستكبارهم عن أَن يتبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم، أَو قلوبهم منكرة للبعث فلم يخافوا عقاباً على كفرهم، ولم يرجوا ثواباً على ما يدعوهم إليه وهم مستكبرون عن قبول كلام ناصحهم صلى الله عليه وسلم، والفاءُ تفريع على ما قبل من عدم تأَثرهم بالتذكير.