الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلاً طَيِّباً وَٱشْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }

{ فَكُلُوا } خطاب للمؤمنين.

{ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّبًا } من البحيرة والسائبة والوصيلة والحامى والغنائم، ولم تحل لمن قبلكم، وكل ما لم تحرمه فهو على أصله من الحل لكم، ولا تحرموا على أنفسكم ما يلذ من الطعام، ووصف الحلال بالطيب، تلويح بأن مرجع الطيب الحلال، فكل حلال طيب ولو غير مستلذ، وذلك كالصفة الكاشفة، وظاهر اللفظ أن مما رزقه الله حرامًا خبيثًا، وليس ذلك مراداً هنا، ولم يصح فى نفس الأمر لأنه لا يأمرنا بأكل غير الحلال، إلا أنه قد يكون فى بلد الإنسان حرام لم يعلم أنه حرام، ولا يدرك بالعلم أنه حرام فيحل له، وقد أمره الله بأكله إذ ساقه إلى يده، ولم يعلمه بأنه حرام، ولا يدرك بالعلم أنه حرام.

قال ابن عباس: فكلوا يا معشر المؤمنين مما رزقكم الله يريد للغنائم حلالا طيبًا لكم، لم تحل لأحد قبلكم، والفاء تفريع، قد كفر الكفار بالنعم، فكلوها أنتم شاكرين كما قال:

{ وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ } عليكم { إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } وقيل: الخطاب فى ذلك للمشركين، أى كلوا مما سرد إليكم رسولى بعد المنع، واشكروا نعمة الله، ولا تكفروها، وإن كنتم تعبدون غير الله معه فلستم بشاكريها، فإن عبادة غير الله معه كفر لها، لأن غيره لم يرزقكم بعبادته حرام ولو ادعيتم أنها عبادة لله لكذبتم، ليست عبادة له تعالى ولا شفاعة منها لكم، والشرطية تأكيد لما سبق، فإما إِن تحمل العبادة على الطاعة لتطلق قوله كلوا، أو تجرى على حقيقتها على زعمهم الكاذب إِن آلهتهم شفعاؤهم عند الله، فعبادتها ظاهرًا عبادته فى الحقيقة، لأنه المستحق لها، وما عداه ذريعة له، هذا زعمهم، وتمام العبادة بالشكر، وما لم يحرمه الله حلال كما ذكر فى الأصول أن السكوت فى موضع البيان بيان أى بيان أن حكم ما عدا المذكورات مخالف لحكم المذكورات.