الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ ٱلْوَارِثُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ }

{ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِى وَنُمِيتُ } نحن غير ضمير فصل لأَنه إنما يكون بين اسمين معرفتين، أَو الثانى نكرة بمنزلة المعرف بأَل، وهو اسم التفضيل المنكر الذى بعده من التفضيلية لنيابتها عن أل ولا حصر فى إِلا بمعنى الاختصاص فى نحو قولك: أَنا قمت، على اعتبار التقديم الحكمى بمعنى أَن يؤخر أَنا على أَنه تأْكيد للتاءِ للفاعلية فكأن أَنا فاعل قدم للحصر والمقام له، والمراد: نحيى مالا حياة فيه أصلا، وما كانت فيه وزالت، ونميت ما هى فيه، وذلك شامل للحيوان والنبات والأَرض، وذلك جمع بين الحقيقة والمجاز، أَو من عمومه، وقيل المراد الحيوان { وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ } الباقون بعد فناءِ الخلق، فالإرث مجاز مستعار من إِرث الميت بمعنى القيام فى تركته، أَو الوارثون مالهم بعد أَن ملكوه، وهذا مجاز أَيضا، لا مالك للعالم سواه، ومن الأَول قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أَمتعنا بأَسماعنا وأَبصارنا وقوتنا ما أَحييتنا واجعله الوارث منا " أى اجعل ما ذكر، أَو الإِمتاع باقيا إِلى الموت، أَو اجعلَها كأَنها تبقى بعدنا، روى أَنه لا يقوم من مجلس إِلا قال ذلك { وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمينَ مِنْكُمْ } فى الولادة أَو فى البطن أو فيهما. { ولَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ } فى أَحدهما أَو فيهما، ومن تقدم وفنى من لدن آدم، أَو بقى ومن يأْتى، ومن تقدم فى التوحيد، قيل: والجهاد وأَنواع العبادة ومن تأَخر فى ذلك، وفيه أن الجهاد لما يفرض عند نزول الاية، ومن تقدم لفضل الصف الأَول إِذا غبهم صلى الله عليه وسلم فى الصف الأَول فازدحموا حتى أَراد بنو عذرة بيع دورهم، وكانت بعيدة، وشراءَ قريبة فنزلت تقول: إِن الله عالم بنياتكم وأَحوالكم لا يخفى عنه شىءٌ، ومن تقدم لئَلا يرى امرأة ومن تأَخر ليراها، ولو من تحت إِبطه فى الصلاة، كما روى أَنه كانت امرأة حسناءُ تصلى خلفه صلى الله عليه وسلم، فتأَخر قوم ليروها، وتقدم آخرون لئَلا يروها فنزلت، ورواه الترمذى والنسائِى وابن ماجه وابن حبان والحاكم، وقال: صحيح عن ابن عباس، فالآية تهديد وترجية كما إذا فسرت بالتقدم فى الطاعة والتأَخر فيها.