الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ }

{ وقَدْ مَكَرُوا مَكْرهُمْ } استخرجوا مكرهم من أنفسهم، ولم يبقوا منه شيئاً فى مضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتل أو التقييد أو الإخراجوإذ يمكر بك الذين كفروا } [الأنفال: 30] لإبطال الحق وإظهار الباطل، ودل على استفراغ مكرهم التأْكيد بالمصدر المضاف إليهم إضافة استغراق { وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ } بالنبى والدين معلوم، أى عند الله جزاءُ مكرهم، أَو مكرهم عنده، ومكتوب فيجازيهم عليه فإضافة مكر للهاء إضافة للفاعل كالسابق واللاحق، أو عند الله جزاءٌ يمكره لهم فالإضافة للمفعول، أو يمكر بهم بإبطال مكرهم، والمكر فى هذا متعد لتضمنه معنى الضر، أو الجزاءِ، أَو تقدر الباءُ أى مكر بهم، وتسمية الجزاءِ مكرا استعارة ومشاكلة، وقيل: المكر فى ذلك كله بمعنى الكفر، كقوله عز وجل:تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا } [مريم: 90]، إلخ، { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ } أن مخففة واللام للتعليل فى قوله: { لِتزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ } لعظمه وشدته، ولكن لمن تزل أى معد لإزالة الجبال المستعار لفظها للمعجزات والآيات لجامع الثبات أى أعدوا مكراً عظيماً لدفع الحق الذى هو كالجبال، ويجوز أن يكون شرطاً وصليا أغنى عن جوابه قوله: وعند الله مكرهم أى عند الله مكرهم يجازيهم، ولو كان مكرهم عظيماً معداً لإِزالة ما هو عظيم، واللام للتعليل، أو المراد المقاربة لزوال الجبال الحقية مبالغة بالتشبيه البليغ بحذف أداة التشبيه فيكون كقولهتكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال } [مريم: 90] وقيل نافية واللام لام الجحود أى وما مكرهم تزول منه الجبال بل هو هين كقوله تعالى:وما كان الله ليعذبهم } [الأنفال: 33]، والجبال فى هذا على حقيقتها، أو مراد بها الحق العظيم وهو المعجزات والآيات.