الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ }

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } كفار أهل مكة فيدخل غيرهم بالقياس وبالنصوص الأُخر، أَو الكفار مطلقا فيدخل كفار مكة بالأَولى وبالذات، شبه ترك العقاب عاجلا بغفلة الإنسان لجامع عدم العمل فى شىءٍ، وذلك أَن الغفلة معنى يمنع الإنسان من الوقوف على حقائق الأُمور، أَو سهو يعتريه من قلة التحفظ، والله عز وجل متنزه عنهما، فالمعنى أن الله - عز وجل - لا يترك الانتقام من الظالم للمظلوم، فالآية تسلية للمظلوم وتهديد للظالم، ولا يجوز أن يكون المعنى لا تحسبن الله يعاملهم معاملة الغافل الذى الله قد عاملهم بها فلا ينهى عن حسبانها، إلا أن يراد الغافل الذى لا ينتبه بعد، وعلى كل حال لا يصدر ذلك منه صلى الله عليه وسلم فكيف ينهى عنه مع أنه أعلم الناس بما يحال فى حق الله عز وجل - وبما يجب؟ الجواب أن المراد التهييج على قوة الثبات على ترك الحساب، أَو الإخبار بأنه لا يغفل، وأنه رقيب يعاسرهم فى الحساب، أو الخطاب لغيره صلى الله عليه وسلم ممن يمكن توهم الغفلة منه، أَو لمن جرى الظلم بينهما فهو نهى للمظلوم ليتسلى وللظالم ليرتدع { إِنَّمَا يَؤَّخِّرُهُمْ } يؤَخر عقابهم، وأسند التأْخير إليهم مع أنه للعقاب تهويلا عليهم هم مؤخرون لأمر مهول { لِيَوْمٍ } لأَجل يوم يستحق أن يكون العقاب فيه أَو إلى يوم { تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ } ترتفع عن قدامها إلى فوق وجوانب، فهى تتحرك أيضا فى داخلها، أَو تفتح وتلزم النظر فى موضع واحد، والجملة نعت يوم، والأبصار أبصار الظالمين فأَل للعهد أو للحقيقة يرادون بها لا للاستغراق إن المقام ليس له إلا أن يقال: المراد يشخص فيه كل بصر للهول، فكيف ينجو هؤلاءِ من الشخوص مع ظلمهم، ولا نسلم أَن أَبصار المؤمنين لا تشخص فإنه يوم شديد على كل أَحد.