الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ }

{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى اللهِ شَكٌ } فاعل أَفى الله أَو مغن عن خبر مبتدأَ متعلق به أَى أَثابت فى الله شك، توبيخ على شكهم، وإنكار للياقته إِذ وقع منهم مع كثرة أَدلة الوحدانية ووضوحها، ومنها خلق السماوات والأَرض كما قال { فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } نعت للمعرفة ولو كان وصفا لأَنه للماضى لا يصح تنوينه، ونصب السماوات فضلا عن أَن يكون فى نية الانفصال عن الإِضافة ومن كلامهم أَن البدل فى المشتق ضعيف، وذلك جواب لقولهم: إِنا كفرنا بما اُرسلتم به، قيل: فبم أَجابهم المرسلون به؟ فقال: قالت رسلهم أَفى الله شك فاطر السماوات والأَرض وما فيها { يَدْعُوكُمْ } إلى توحيده وطاعته هو، لا نحن ندعوكم من تلقاءِ أَنفسنا كما يوهمه قولهم: مما تدعوننا، ومع ذلك يدعوكم لمصلحتكم كما قال: { لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّنَ ذُنُوبِكُمْ } بعض ثم بعض حتى تكفر كلها كلما أذنبتم ذنبا وتبتم بعد إسلامكم غفره لكم بعد أَن يغفر ذنوبكم التى قبل الشرك بالتوحيد، فمن للتبعيض مع حصول العموم والمضارع للتجدد الاستمرارى، أَو من للتبعيض، والبعض حقوق الله، وأَما حقوق العباد فلا تغفر إلا بقضائها؛ وكانت قبل التوحيد أَو بعده، وقيل: تغفر كلها أَيضا إن كانت قبله، أَو من للتبعيض، والبعض ما قبل التوحيد، قيل: أَو البعض الكبائر لأَن الصغائر مغفورة، قيل: أَو البعض الصغائر لأَن الكبائر تحتاج إلى الإِصلاح، فتغفر الصغائِر لمن تاب من الكبائِر، أَو من صلة والذنوب ما قبله على جواز كون من صلة فى الإِثبات والمعرفة، وجعلها بعض للبدل، أَى بدل ذنوبهم، أَو للابتداءِ على تضمين يغفر معنى يخلص، واللام للتعدية أَو للتعليل، قيل: أَو بمعنى إلى، والغالب فى القرآن من ذنوبهم مع الكفار وذنوبهم مع المؤمنين، ومن غير الغالب قل للذين كفروا إلخ، إلا أَن اعتبرنا ما ذكر فيه يغفر، وقيليا أَيها الذين آمنوا هل أَدلكم } [الصف: 10] ووجه ذلك أَن المغفرة للكفار مرتبة على الإِيمان، وللمؤمنين مرتبة على تجنب المعاصى وعلى الطاعة، فمن مع الكفار لإخراج المظالم، وأَما المؤمنون فلا تبعيض بل تعم للتوبة المتناولة للخروج من المظالم { وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى } متمتعين باللذات إلى أَجل الموت، وإن لم تؤمنوا تنغصت حياتكم بالنقم، ولكن قد علم الله أَنكم لا تؤمنون فتصابوا بالنقم، أَو تؤمنون فلا تصابوا، أَو لكل أَحد أَجلان علمهما الله إن عمل كذا كالإيمان أَخر إِلى الأَجل الطويل، وإِلا عُوجِل بالقصير، وقد علم الله كل ما يعمل موجب القصير أَو الطويل، وهذا كما أَوجد للشقى أَزواجا وقصورا فى الجنة، لوعمل عمل السعيد لصار إليها، وقد علم أَنه لا يعمل فلا يصير إليها، وكما جعل للسعيد مكانا فى النار لو عمل عمل الشقى لصار إِليه، وقد علم أَنه لا يعمله فلا يصير إليه، وكما قضى فى الأَزل أَن عمر فلان كذا أَو كذا منه وكذا لصلة رحمه، وإِن أَجل فلان كذا لو لم يقطعها، وإذا قطعها أَو طغى فأجله دون ذلك، وهو وقت كذا وكذا، أَو كذا ما أّشبه ذلك فالأَجل واحد لا يتقدم ولا يتأَخر والفرق بين ذلك ومذهب المعتزلة أَنهم قالوا لا يتعين له أَحدهما حتى يعمل موجبه، ومن ذلك:

السابقالتالي
2