الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

{ وَيسْتَعْجِلُونَكَ } حين أنكروا ما أَنذروا به من النار على إنكارهم وذلك قولهم:متى هذا الوعد } [يونس: 48] { بَالسَّيِّئَةِ } العذاب { قَبْلَ الْحَسَنةِ } وهى الإِبقاءُ بلا عذاب، والقبيلة اختياره كأَنه قبل قدموا فى اختيارهم العذاب، وتركوا الإِبقاءَ بدونه، وهو الإمهال فإن العذاب منتف فيه، والتوبة ممكنة فيه أو الحسنة خير الدنيا والآخرة لو آمنوا، والمضارع للاستمرار أو الحكاية الحالة الماضية ما زالوا فى إِنكار إِذا خبروا بالبعث قالوا أَئِذا متنا، وإِذا هددوا بالعذاب قالوا متى هذا الوعد { وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ } العقوبات لأَمثالهم من المكذبين الفاضحة أَو المبقية أَثراً كقطع أَنف أَو يد أَو فقء عين فما لهم لا يخافون أن تنزل عليهم لتكذيبهم، سمى العقاب مثله لأَنه مثل ما يعاقب عليه { وَإنَّ ربَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى } أى مع { ظُلْمِهِمْ } كبائِرهم وصغائِرهم إِذا لم يصروا، ولا تعجزه معصية ولو بلغت ما بلغت، والآية زجر عن الإِياس لا مغفرة بلا توبة، أَو هى فى الصغائِر لمن اجتنب الكبائر، أَو المغفرة الستر فى الإِمهال وهو بعيد فلا دليل فيها على مغفرة المصر، فلنا إِحباط الحسنات بالسيئَات، ولنا قيد التوبة فى الآى الأُخر، فالعمل به لا بالإِطلاق، ومن الجهالة الغفلة عن أَن الآية قضية مطلقة عامة بظاهرها فيلزم أَن كل ظالم مُصر يغفر له، ولا يقول ذلكَ إلا من تبرءوا من مذهبه وهم المرجئَة ويكرهون الانتساب إِليهم، وتشمل بظاهرها المشركين، ولا يقولون به هم ولا غيرهم لقيام الدليل والإِجماع على أَن لا مغفرة للشرك غير التائِب من شركهإِن الله لا يغفر أَن يشرك به } [النساء: 48، 116] وعلى ظلمهم حال من الناس، أَو متعلق بمفغرة،والظلم شامل لظلم نفسه ولظلم غيره، ولا يعجزه غفران الظلم ولو لغيره مع التخلص من اتباعه، ويقضى الله عنه إن تاب نصوحاً ولم يجد ما يعطى قيل: قال الله - عز وجل -: " لذو مغفرة للناس " للمبالغة فى الرحمة، ولذلك لم يقل: وإن ربك لذو عقاب شديد، مع أَنه أَوفق للفاصلة، روى ابن أَبى حاتم من رواية حماد بن سلمة عن على بن زيد بن سعيد بن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لولا عفو الله وتجاوزه لما هنأَ أَحدا العيش ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أَحد " أَى على عفوه فقوله: لولا عفو الله عائد إلى قوله: إن ربك لذو مغفرة، وقوله: لولا وعيده عائِد إلى قوله: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشدِيدُ الْعِقَابِ } لمن اَصر.