الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي ٱلأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

{ وإِنَ مَّا } إِن الشرطية وما المؤكدة لربط الجواب بالشرط { نُرِيَنَّكَ } يا محمد { بعْض الَّذِى نَعِدُهُمْ } من العذاب فى حياتك { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبل تعذيبهم والجواب محذوف أَى فلا لوم عليك ما أَنت بملوم، ناب عنه علته وهو قوله: { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ } أَى لأَنه ليس عليك إِلا البلاغ أَى تحصيل البلاغ، وقد حصلته، أَو البلاغ اسم مصدر بمعنى التبليغ، ولأَنه لا حساب إِلا على الله كما قال { وَعَلَيْنا } لا عليك ولا على غيرك { الحِسَابُ } للمجازاة عليهم ولك، ولا يهمنك شأَنهم، والعذاب يصيبهم لا محالة، والإِسلام يعلو الكفر وعدا لا يتخلف، وما تقدم أَولى من تقدير الجواب للفعل الأَول على حدة هكذا، فإِما نرينك بعض الذى نعدهم فذاك شافيك من أَعدائِك أَو نتوفينك فلا لوم عليك، ولا بد من عذابهم وهذه طلايعه مذكورة فى قوله:

{ أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِى الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا } ومكة وسطها، أَشكوا ولم يروا أَو أَنكروا ولم يروا أَنا نقصد أَرض المشركين بالفتح لبلد بعد بلد نقصاً من أَطراف المشركين وزيادة فى أَطراف المؤمنين، وجملة ننقصها حال من ضمير نأْتى أَو من الأَرض، أَو ننقص بلاد الأُمم السابقة بكفرهم، أَفلا تخافون أَن تهلكوا مثلهم لكفركم، ويضعف ما قيل عن ابن عباس: ننقصها بموت الأَشراف والكبراء والعلماء والصالحين، ولعل هذا لم يصح عن ابن عباس إِذ ليس المهام له، اللهم إِلا أَن يقال: أَلم يروا أَنا أَهلكنا قبلهم من هو أَشرف منهم فكيف هم مع كفرهم { واللهُ يَحْكُمُ } فى الخلق بما يشاءُ، ومقتضى الظاهر ونحن نحكم، وجعل الظاهر موضع المضمر لتربية المهابة بلفظ الجلالة وتحقيق الخبر لكونه من الجليل الذى اسمه الله { لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } لا يأْتى أَحد عقب حكمه بما يبطل حكمه، أَو ينقضه أَو يضعفه، وقد حكم للإِسلام بالإِقبال، وللكفر بالإِدبار، فلا بد من وقوعه خارجاً بالمعاينة، والجملة حال من ضمير يحكم { وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } قريب عذابهم بعد الموت، أَو حسابهم يوم البعث بأَن يناقشهم بعد عذابهم فى الدنيا بالذل والخوف والقتل والجلاء من ديارهم وغير ذلك، وكل آت قريب، ويجوز عود الحساب إلى ثواب المؤمنين وعقاب الكافرين.