الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } * { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ }

{ وَكَذلِك } كإِنزال الكتب السابقة على الأَنبياءِ قبلك بلغاتهم ولغات قومهم كما يدل عليهالذين آتيناهم الكتاب } أَو مثل إِنزال القرآن على هذا الأَسلوب العجيب { أَنْزَلْنَاهُ } أَى القرآن { حُكْماً } حال { عَرَبيّاً } بلغتك ولغة قومك تحكم بين الناس كلهم العرب والعجم، وحكماًَ بمعنى حاكم على الإِسناد المجازى، أَو مبالغة كأَنه نفس الحكم بالمعنى المصدرى { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ } قول أَهل مكة: اترك عبادة ربك سنة إِلى عبادة آلهتنا، ونترك عبادة آلهتنا إلى عبادة الله سنة، ولما أَبى قالوا: امسح على آلهتنا فأَبى، وقول اليهود: ارجع عن قبلتك الكعبة إلى قبلتنا التى كنت عليها، وهى بيت بيت المقدس أَو صخرته، فإنه صلى إِلى بيت المقدس بعد الهجرة نحو ستة عشر شهراً ثم استقبل الكعبة بأَمر الله جل وعلا فى رجب بعد الزوال قبل بدر بشهرين { بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ } بالتوحيد واستقبال الكعبة { مَالَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِىٍّ } يدفع عنك العذاب بعد ما جاءك { وَلاَ وَاقٍ } يمنع عنك العذاب قبل مجيئه، أَو بالعكس، مالك حافظ من عذاب الله، أَو مالك من رحمة الله واق من العذاب، وذلك حسم لأَطماع المشركين واليهود من متابعتهم فى شىءٍ مما خالف الوحى والقرآن، وتهييج للمؤمنين على الثبات على دينهم؛ لأَن الخطاب ولو كان له صلى الله عليه وسلم؛ لكنه تعريض بغيره لبعد أَن ينهى مثله فى صلابة دينه عما يعبد عن أَدنى مسلم حتى قيل: إِن الخطاب لمن يصلح له، لا له صلى الله عليه وسلم، ولو كان له فى قوله تعالى:

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً } كثيرين عظاماً { مِنْ قَبْلِكَ } بشراً يتزوجون ويولدهم ويتسرون مثل رسالتك وتزوجك وتسريك والولادة لك كما قال: { وجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وذُرِّيَّةَ } كما لسليمان ثلثمائِة امرأَة بمهورهن، وسبعمائة سرية، ولداود مائة امرأَة بمهورهن، فكيف يقول أَهل مكة لا يكون البشر نبياً، بل النبى ملك وتمم الله البشرية بالتزوج والتسرى والولادة، ولا يشكل بيحيى وعيسى، لأَن رسلا نكرة فى الإِثبات فلا تعم، وإِنما المراد جماعة مخصوصة، ويقال: من فضائله صلى الله عليه وسلم، استواء سره وعلنه حتى أَنه لم تترك نساؤُه شيئاً مما يسر من شأْن فرشهن معه إِلا ذكرنه حتى أَن الصحابة اختلفوا فى الإِيلاج بلا إِنزال هل يوجب الغسل؟ فسأَلوا عائشة رضى الله عنها فقالت، ولا حياءَ فى الدين: فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم معى فاغتسلنا جميعاً، وهذا يناسب ما روى عن جابر بن زيد رحمه الله تعالى أَنه سأَلها عن جماع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك عجيب لأَنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذكر ما يفعل الرجل مع زوجه، فإِما أن يكون ذكرهن ذلك زلة منهن وهى مغفورة تبين منه، وإما أَن يخصصن بجواز ذلك لأَنهن مبلغات عنه صلى الله عليه وسلم، والمراد: كذلك جعلنا لك يا محمد تسع نسوة، وقد قالوا:

السابقالتالي
2