الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ }

{ وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتَابَ } التوراة والإِنجيل والزبور اليهود والنصارى والصائبة { يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } ولو لم يؤمنوا به لموافقتهم التوراة والإِنجيل والزبور فى التوحيد ومكارم الأَخلاق، وما لم ينسخ، ويستنصرون به على عبادة الأَصنام، أَو المراد من آمن من اليهود كعبد الله بن سلام وأَصحابه، وقد ذكرت منهم جماعة فى شرح نونية المديح، ومن آمن من النصارى وهم أَربعون بنجران وثمانية باليمن واثنان وثلاثون بالحبشة { وَمِنَ الأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بعْضَهُ } وهم الذين تحزبوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعناد والشقاق والمعادة من المشركين واليهود، والبعض هو ما خالف التوراة وما وافق ما صرفوه أَو محوه كذكر الرحمن، وما عدا القصص وقالوا: ما نعرف الرحمن إِلا رحمان اليمامة مسيلمة، وعلى هذا فقد أَطلق البعض على الأَكثر، والمسلمون من أَهل الكتاب يؤمنون بالقرآن كله، ويفرحون به كله إِذا وافق ما لم ينسخ، ورضوا بنسخ ما نسخ، وغيرهم فرح ورضى بما لم يخالف كتابهم، أَو المراد بالذين آتيناهم الكتاب المسلمون من الأُمة، ومنكر بعضه هم مشركو مكةَ مثلا. قيل: كان ذكر الرحمن قليلا فى القرآن فساءَ ذلك عبد الله وأَصحابه لكثرة ذكره فى التوراة، ولما كثر نزوله فى القرآن فرحوا فنزل { والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أُنزل } إِلخ وقيل: من الأحزاب من أَحزاب اليهود والنصارى وهم كفرتهم ككعب بن الأشرف وأصحابه والسيد والعاقب من ينكر بعضه مالا يوافق كتبهم ولم ينكروا ما وافق كتبهم، لكن لم يفرحوا به، وعن ابن عباس: الأَحزاب كفرة اليهود، والكتاب: التوراة، وقيل: الأحزاب، أَحزاب الجاهلية من العرب، وقال مقاتل: الأَحزاب، بنو أُمية وبنو المغيرة وآل أَبى طلحة، وقيل: المراد بمن عامة أَهل الكتاب، والبعض ما لم يوافق ما حرفوه، والمعنى منهم من يفرح بما وافق، ومنهم من ينكره لشدة عناده { قُلْ } لقومك يا محمد { إِنَّمَا أُمِرْتُ } فيما أُوحى إلى من القرآن وغيره { أَنْ أَعْبُدَ اللهَ } بأَن أَعبد الله { وَلآ أُشْرِكَ بِهِ } شيئاً فى العبادة، ولا فى الفعل ولا فى الصفة ولا فى القول، وقل لأَهل الكتاب إِنما أُمرت أَن أَعبد الله ولا أُشرك به لا محيد عن ذلك، وأَما اختلاف الشرائع فذلك سنة الله فى أَنبيائِه وكتبه، قل يا أَهل الكتاب تعالوا إلى كلمة الآية { إِلَيْهِ } إلى الله أَى إلى الإِيمان به لا إلى غيره كما أَدعو إِلى عبادته لا إلى عبادة غيره { أَدْعُوا وَإِليْهِ مَئَابِ } مرجعى للبعث بالجزاءِ.