الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } * { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ ٱلأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ ٱلْمَوْتَىٰ بَل للَّهِ ٱلأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }

{ كذَلِكَ } مثل إرسال الرسل قبلك المدلول عليهم بقوله استهزىءَ برسل من قبلك، وبقوله فى أُمة قد خلت، وهو مفعول مطلق لقوله { أَرْسَلْناكَ } أَو المعنى كما هدى الله من أَناب، أَو أَرسلناك أَو كما جرت العادةُ بالإِضلال والهداية أَرسلناك، أَو يقدر الأَمر كذلك { فِى أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ } برسلهم فليست رسالتك ببدع فكيف يقولون: البشر لا يكون نبياً { لِّتَتلُوا عَلَيْهِمُ الَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْك } وهو القرآن { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ } بالله الذى نعم الدنيا والآخرة صغيرها وكبيرها فى ملكه، ولا سيما أَن منها القرآن، وكفروا به ولم يشكروها، قيل: أَو باسم الرحمن أنكروا أن يكون الله:وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن } [الفرقان: 60] الآية، سبب نزولها أَهل مكة لهذه الآية ولقول أَبى جهل لما سمع قوله صلى الله عليه وسلم: " يا الله يا رحمن " قال: محمد ينهانا عن عبادة الآلهة، وهو يدعو إلهين، ونزلت الآية لذلك، وخصوص السبب لا ينافى عموم الحكم والكفر باسمه تعالى أَو صفته أَو فعله كفر به، والمتبادر أَن المراد بالرحمن الذات الواجب لا الاسم فالمراد كفر نعمة { قُلْ } لهم يا محمد { هُوَ } أَى الرحمن الذي أَنكرتم ذاته بإنكار صفاته أَو اسمه، أَو أَنكرتم معرفته إِذ قلتم وما الرحمن { رَبِّى } مالكى { لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ علَيْهِ تَوَكَّلْتُ } فى نصرى وكل ما أُريد { وإِلَيْهِ مَتَابِ } مرجعى بالموت والبعث، ومرجعكم بهما، وذكر متابه فقط لأنهم مثله، كما أرجع إليه ترجعون، وطلب كفار مكة أن يزيل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبالهما لتتسع للحرث والغرس والبناءِ، وأن يقطع الأرض بتفجيرها عيونا، وإظهار معادنها أو بتخشيعها بتلاوة ما تتلوه عليها، وبأن تكلم به الموتى بعد إِحيائِهم، قصيا وغيره من آبائِنا، فيتكلموا به مطلقاً، أَو يتكلموا به ويصدقوك فنؤْمن فنزل قوله تعالى:

{ وَلوْ أَنَّ قُرْآناً } بعضاً من القرآن كحرف أو كلمة أو جملة أو آية أو سورة أو أكثر، وذلك أن بعض القرآن قرآن فكيف يؤْمنون إن لم تسر ولم تقطع أو لم تكلم الموتى، أو فعلت ذلك بالقرآن كله، أو المراد القرآن فينكر للتعظيم، أو المراد شيئاً يقرأُ كائِنا ما كان { سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ } عن مقارها، فلست بأَهون على ربك من داود وقد سخر له الجبال تسير معه، وكذبوا وإنما سخرها تسبح معه ولو قالوا أَلانها له لصدقوا فى إلانتها، وكما نقل الطور لموسى عن محله فيما قيل، وكما سخر الريح والجبال لسليمان { أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ } لمصالحنا، جعلت قطعاً للأَنهار والحرث والغرس، كما قطعت لموسى عيونا { أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْموْتَى } كإحياء جدنا قصى فإن عيسى يحيى الموتى، ولست أَهون على ربك منه، ويروى أن جماعة من المشركين منهم أبو جهل وعبد الله بن أُمية: أَرسلوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأتاهم أو مر بهم، فقال عبد الله بن أُمية: إن سرك أَن نؤمن بك فافعل ذلك، وزيد: سخر الريح تجربنا إلى الشام لتجرنا وميرتنا ونرجع فى يومنا كسليمان، ولست أهون منه عند ربك، وجواب لو محذوف تقديره بعد الموتى لما آمنوا أَو لم يؤْمنوا كما قال:

السابقالتالي
2 3