الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ }

{ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ } فى مخيمه أَو بيته خارج مصر { آوَى } ضم يوسف { إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } أَباه وجدته أَم أُمه فهى أُم فهما أَبوان، وقيل أباه وخالته سميت أُمَّا وغلب الأَب فصار أَبوين، أَو سماها أُما لأنها زوج أَبيه كأُمه يباشرها كأُمه وتحترم كلامه واسمها ليا، وماتت أُمه راحيل فى نفاس بنيامين فتزوج راحيل وأُختها ليا معاً لجواز ذلك فى شريعته، وبقيت ليا حتى أَدركت اجتماع يعقوب بيوسف، وضعف بعض هذا القول، ورجح أَنه تزوج راحيل بعد موت ليا، وعلى اجتماعهما، قيل: تزوج راحيل قبل ليا، وقيل بالعكس، ولعل لهما أُختا ثالثة تزوجها بعد موتهما، ويقال أَحيا الله أُمه من قبرها حتى سجدت له مع أَبيه تحقيقاً لرؤياه وهو ضعيف، وقيل: لم تمت حتى أَواها وأَباه وسجد له، وقيل خالته راحيل وشهر أَنه اسم أُمه، بعث مع إِخوته إِلى يعقوب ماِئَتى راحلة ليأتوا بيعقوب وأَهله وأَتوه فجمع أَهله اثنين وسبعين إِنساناً ذكوراً وإِناثاً وثلاثة وسبعين، ولما دنا من مصر أَخبر يوسف الملك فخرج بأَهل مصر ركبانا ويوسف بأَربعة آلاف من الجند لكل واحد جبة فضة وراية خز، واصطفوا وتزينت الصحراءُ بالفرسان والأَلوان، وتعجب يعقوب وقال ليهوذا وهو متكىءُ على يده: هذا فرعون مصر، وقال: بل ابنك يوسف، وقال جبريل عليه السلام: انظروا إِلى الهواءِ فإِن الملائِكة قد حضرت سروراً بحالك، وكانوا باكين محزونين مدة لأَجلكَ، وماج الفرسان وصهلت الخيل وسبحت الملائكة وضربت الطبول والبوق كأَنه يوم القيامة، وأَراد يوسف البدءَ بالسلام فقال جبريل يبدأ يعقوب فقال يعقوب: السلام عليك يا مذهب الأَحزان، ونزلا وتعانقا وبكيا، وقال: يا أَبت بكيت حتى ذهب بصرك؟ أَلم تعلم أَن القيامة تجمعنا، قال: خفت أَن يسلب دينك فيحال بيننا { وقَالَ } يوسف لهم { ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللهُ } شرط متعلق بقوله { آمِنِينَ } قدم للفاصلةً، أَو للتبرك، أَو متعلق بتدخلون محذوفاً مستأْنفاً، وذلك لأَن الأَمر والنهى والدعاءَ والإِنشاء لا تقيد بإِن شاءَ الله؛ لأَنه لا خارج لها، يبعد ما قيل من تعليقه بالدخول المصرح به فكيف بالأَمن فدخلوها وهم اثنان أَو ثلاث وسبعون إِنساناً، وبورك لهم حتى خرج موسى عليه السلام منها بستمائة أَلف وخمسائة وبضعة وسبعين سوى الذرية، وهى أَلف أَلف ومائتا أَلف أخرجوا، وسوى الهرمى بقوا فيها، وبينه وبين موسى أَربعمائة، وقيل: خرج بستمائة وسبعين أَلفاً، وقيل: خرج بذلك وخرج بالهرمى والذرية، وأَن الذرية والهرمى أَلف أَلف ومائَتا أَلف، ومعنى آمنين أَنكم لا تخافوا عدوا ولا قحطاً ولا طاعونا ولا مكروها ولا ملكاً، وكان الناس يخافون ملوك مصر فلا يدخلها أَحد إِلا بجوارهم، فقال يوسف وهو خارج مصر فى مخيم أَو بيت مبنى: ادخلوا مصر آمنين على أَنفسكم وأَمولكم، فقيل دخولان؛ دخول فى حد مصر، ودخول فى بيت فى مصر.