الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ إِذْ قَالُوا } أَى قال إِخوة يوسف بعض لبعض، إِلا بنيامين، وقول بعض مع رضا الباقين قول للجميع، وقيل: قول شمعون، وقيل: دان، ورضى الآخرون؛ إِلا من قال: لا تقتلوا يوسف فإِنه قال معهم، أَو رضى إِلا القتل، وطرحه أَرضا فلم يقل بهما، خيروا بعضهم فى قتله أَو طرحه أَرضا، وأَو للتخيير، وقيل: قال بعضهم اقتلوه، وبعض اطرحوه أَرضا، ولا دليل لمن قال شاوروا غيرهم فخيرهم، وهو بعيد عن الآية؛ إِلا أَن شاوروه فخيرهم فنطق به بعض لبعض، ويحتاج إِلى رواية صحيحة { لَيُوسُفُ وَأَخُوْهُ } من أَبيه وأُمه بنيامين، ولذلك أَضافوه إِليه خصوصا وذكروه بالأُخوة لا باسمه؛ لأَن حب يعقوب إِياه لأخوته ليوسف { أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } الجملة حال من مجرور من فالربط بالضمير، وواو الحال، أَو من ضمير أَحب فالربط بالواو، والعصبة ما زاد على العشرة، وعن ابن عباس: مابين العشرة إِلى الأَربعين، وقيل: العصبة عشرة فصاعدا، وقيل: ما بين الواحد إِلى العشرة، وقيل: من عشرة إِلى خمسة عشر، وقيل: من ستة، وقيل: من تسعة، ومادة عصب للإِحاطة؛ لأَن قرابة الرجل يحيطون به دفعاً عليه ويتقوى بهم كعصابة الرأس، وعصابة البكرة السفلى، كيف يفضلهما علينا ونحن مجتمعون، فينا قوة ونفع ليس فيهما، وسميت الجماعة عصبة لأَن الأَمر يشد بهم، ويقوى، وكان زيادة حبه لما رأَى فيه من مخايل الخير، ولما رأَى الرؤيا تضاعف حبه، ومما زادهما حباً صغرهما وموت أَمهما، قالت ابنة الحسن ابن الإِمام على: أحب بنى إِلى الصغير حتى يكبر، والغائِب حتى يحضر، والمريض حتى يشفى قال:
إن البنات الخمس أكفاءُ معاً   والحلى دون جميعها للحنصر
وإِذا الفتى فقد الشباب سما له   حب البنين ولاح عجب الأَصغر
وبنيامين أَصغر من يوسف؛ لكن زاد يوسف بفضائِل، والحب ضرورى لا عدالة فيه وفيما يلتحق به ضرورة لا كسباً ولا تقصيراً { إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلالٍ مُّبِينٍ } إِعراض عن مصالحه لأَنا نحن نقوم بدوابه وحرثه ومصالحه لا هما، أَو أَراد بالضلال الجور فى حبه لهما أَكثر نسبوا نبيا إِلى كبير لسفههم، وبعد ذلك تابوا وليس ذلك إِشراكاً، ومن زعم أَنهم أَنبياءُ، قال عصمة الأَنبياءِ من حين النبوة لا قبلها، والحق عصمتهم من أَول الأَمر.