الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَاسْتَبَقَا البَابَ } تسابقا إِليه فهو من الافتعال المراد به التفاعل، أَرادت السبق لتجبذه وتمنعه من الخروج وفتح الباب، وأَراد السبق للفتح والخروج وعدى لتضمن معنى قصد، وبادر، أَو يقدر إِلى والمراد الباب الواحد لأَنه قال: { وأَلفيا سيدها لدى الباب } فبقى أًن يقال كيف يلفى لدى الباب الأَول إٍلى جهة البيت مع أًنها أَغلقت أَبواباً أَو بابين بعده، ولعله كان لها مفاتيح من خارج وداخل ففتحها من خارج حتى وصل بابا يلى البيت فأَلفياه عنده، أَو الأَبواب واحد سمى أَبوابا لتعدد أَقفاله مجازا، أَو فتحها كلها لقوة الرجولة وإِعانة الله حتى لم يبق إِلآ الأَخير فأَلفاه عنده، أَو كل باب فى جهة لا مترادفة، وعن كعب - رحمه الله:- لما هرب يوسف عليه السلام تناثرت أَقفال الأَبواب له، والجملة عطفت على همت به { وَقَدَّتْ } قطعت بإِمساكها وجذبه نفسه، ويقال: القد القطع طولا والقط القطع عرضاً، وقيل: هما سواءٌ عرضاً وطولا، ويدل له قراءَة بعض: وقطعت قميصه، وكذا وجد فى مصحف المفضل ابن حرب، وأَما قول بعض فى الإِمام على: إِذا اعتل قد وإِذا اعترض قط فلا حجة فيه لاحتمال أَن يكون قائله ممن لا يحتج بكلامه فى العربية { قًمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ } من خلفه، والقفا إِلى العقب دبر، وصادفت القد من خلفه لأَنه أَدبر عنها وفر وغلبها وخرج وخرجت خلفه { وَألْفَيا } وجدا { سَيِّدَهَا } زوجها وهو العزيز قطفير، لم يقل - الله عز وجل - سيدهما؛ لأَن يوسف حر لم يجر عليه قيام أحد، وذكره بالسيد لا بالزوج يشير إِلى أًنه سيد لها لا له، وهى أَيضاً حرة لأًن عرفهم أًن الزوج سيد زوجته { لَدَى الْبَابِ } عند الباب مقابلا يريد الدخول أًو قاعداً جانبا، كل ذلك مع ابن عمها أَو ابن عم له، أَو منصتاً لما يكون من كلام أَو صوت هروب وتجاذب فى الجرى، وخافت التهمة فسبقت بالشكوى كاذبة كما قال الله عز وجل { قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً } زنا ولم تقل هذا أَو يوسف أََراد الزنا بى إِكراماً له وإِبقاءً عليه لشدة حبها إِياه، وأَيضاً قد يصعب عليها بالطبع أَن تصرح به مع بعده من السوءِ عند الناس كما عندها وكمال عفته، أًو أَراد ضربها دفعا لها فعدت الضرب سوءاً. { إلاَّ أَنْ يُسْجَنَ } مدة يسيرة فى حبس فى بيتها أَو فى غيره يوماً أَو يومين أَو ساعة أًو دقائق، ولو أَرادت طول السجن لقالت إلاَّ أَن يكون من المسجونين، كما قال فرعون { أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ضرب مرجع، وعن ابن عباس - رضى الله عنهما - قيد، وبدأَت بالسجن لأَن المحب لا يحب إِيلام حبيبه، وبادرت بما يعاقب به أَنه السجن أَو الضرب وعينته لئَلا يقتله، تحرزت عن قتله بذكر غيره، وعذاب أَليم، معطوف على مصدر يسجن؛ أَى إِلا سجنه بفتح السين، أَو عذاب أَليم وأَما بالكسر فموضع الحبس، وما نافية أَو استفهامية إِنكارية، ومن اسم موصول أَو نكرة موصوفة.