الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وَلَمَّا بِلغَ أَشُدَّهُ } زمان أَشده، والأَشد قوة الجسم ما بين الثلاثين والأَربعين، وقيل سن الشباب، وأَوله البلوغ، وقيل ثلاثون سنة، وقيل ثلاث وثلاثون، وقال القاضى النحوى محمد بن على بن على ابن أَبى طالب: خمس وثلاثون وتمامه أَربعون، وقيل سبعة عشر عاما إِلى نحو أَربعين، وقيل ثلاث وعشرون وقيل إِحدى وعشرون وقيل عشرون وقيل ثمان وثلاثون، وعن الحسن: أَربعون، وقيل أَقصى الأَشد ستون، وعن الحسن: يقف الجسم عند الأًربعين، وقيل: يقف عن النمو بين الثلاثة والثلاثين وبين الأَربعين، والأَشد مفرد على وزن الجمع بنقل الضمة من الدال المدغمة إِلى الشين، وعن سيبويه: جمع شدة، الجمع شاد كنعمة وأَنعم وقال الكسائى والفراءُ: جمع شد كصد وأصد، فيجب تأْنيثه على هذا، أَو على قوله أَنه جمع لا واحد له، قال بعض المتأَخرين: لم يقل واستوى كما قال فى موسى لأَنه بلغ الأَربعين ولم يبلغها يوسف حينئذٍ { آتَيْنَاهُ حُكْماً } إيقان العلم ورد النفس عن هواها، وإتقان العمل والحكم والنبوة، والعلم بلا عمل سفه، ولا منتهى للتعلم إِلى الموت، خرج جابر بن زيد - رحمه الله - يتكىءُ وهو ابن سبعين سنة فقيل له: أَين تذهب يا أَبا الشعثاءِ؟ فقال: أَتعلم دينى، أَو المراد الحكم بين الناس كأَن يقتضى بين الخصوم، والأَول أَولى لعدم ظهور إِعطاءِ الحكم بين الناس فى وقت شدة قوته فإِن الأَولى فى هذا عدم التقييد بكمال القوة { وَعِلْماً } تأْويل الرؤْيا وتفسير كتب الله وكلام الأَنبياءِ والفقه فى الدين، وعن ابن عباس: الحكم النبوة، والعلم علم الشريعة، وقيل: الحكمة الحكم بين الناس، والعلم معرفة وجوه المصالح { وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ } يفيد أَن الله - عز وجل - أَعطاه ذلك جزاءً على إِحسانه، أَى نجزى المحسنين مثل ذلك الجزاءِ دون غيره مما يضعف أَو لا يعبأُ به، وإِحسانه عبادته وعصيان نفسه حين كان قوى الشباب واجدا لكل ما يلتذ به وهو شاب نشأَ فى عبادة الله والورع، ومن عمله بما علم أَورثه الله علم ما لم يعلم، كما قال الحسن: من أَحسن عبادة الله تعالى فى شبابه آتاه الله تعالى الحكمة فى اكتهاله.