الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

{ إِنَّا أَنْزَلْناهْ قُرْآناً عَرَبياً } هذا يقوى أَن المراد بالكتاب القرآن أَنزلنا هذه السورة عربية، نعم الخطاب فى قوله: { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } يتقوى به التفسير بالسورة، على أَن المعنى؛ أَنزلنا ما سأَلتم عنه يا أَهل مكة بأَمر اليهود من شأَن يعقوب وأَولاده، ومن بعدهم، وشأن يوسف، بلفظ عربى بلغتكم لا بلفظ العجمة لعلكم تفهمون معانيها ومع ذلك فتعميم القرآن أَولى من السورة؛ لأَن خطابهم بتغافل الأَوامر والنواهى، أَولى من خطابهم بتغافل يعقوب ويوسف وشأْنهما، نعم يناسب جداً أَن يقال: أَنزلنا السورة لتدركوا بعقولكم أًن من أَتاكم بهذه القصص مع أَنه لم يجاور من عرفها هو نبى حق من الله - عز وجل - أخبره بها، ولعل بمعنى كى استعارة تبعية، ولا دليل فى الآية على أَن الله - عز وجل - أَراد الإِيمان ممن لا يؤمن - تعالى الله عن أَن تتخلف إِرادته، وقبح الله المعتزلة إِذ أَجازوا ذلك، والقرآن كله عربى؛ بمعنى أنه نزل بما تتكلم به العرب من لغتها وما يجرى على أَلسنتهم من أَلفاظ يحكونها بيانا لها، ولو حكيت بلفظ آخر لم تفهم، كما ينادى العربى من هو عجمى باسمه فى العجمة ويخبر عنه باسمه، ولا يسمى ذلك خروجاً عن العربية، وأيضاً قد يعربون اللفظ العربى، وقيل: اتفقت لغة العرب والعجم فيما شهر بالعجمة كسجيل، ومشكاة، وإِسبترق، ويرده منع الصرف فى الأَعلام التى هى مثل: إِبراهيم، وأُجيب بأَنها منعت مع العلمية بصحة العجمة وعن سعيد بن جبير لما نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يتلوه على قومه، قالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا، فنزلت السورة فتلاها عليهم، فقالوا: يا رسول الله حدثنا، فنزل قوله تعالى:الله نزل أَحسن الحديث كتاباً } [الزمر: 23] فقالوا: لو ذكرتنا، فنزل قوله: { أَلم يأْن } إِلخ. وقرآناً، حال من الهاءِ العائدة إِلى الكتاب موطئَة لقوله: { عربيا } لأَن الفائدة منه تمت بقوله: { عربيا } ولا داعى إلى جعل الهاءِ مفعولا مطلقاً، وقرآنا مفعولا به، ولا إِلى جعله بدلا من الهاءِ، وعربيا نعت لقرآنا، ولا حاجة إِلى جعله حالا من ضمير قرآنا على أنه بمعنى اسم مفعول، ولا إِلى جعله حالا ثانياً والأَولى قرآنا، والقرآن يطلق على الكل وعلى البعض كما أَن بعض الزيت زيت وكله زيت.