الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } * { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

{ قَالُوا يَا أَبَانَا مَالَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ } تضرع مشعر بالمكر خرج منهم بلا روية، أَو كانت مراودة قبل هذا أَو ظهر لهم منه خوفه عليهم أَن يضيعوه أَو يهلكوه، أَو رأَوا منه بلا تقدم مراودة وخوفه شدة حبه وما رأَى فيهم من الحسد أَو مخايلة، وعن مقاتِل: قالوا ذلك بَعْدَ قوله: إِنى ليحزننى إِلخ وقالوا له { وإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ } ما نعود عن المضرة جهدنا وقائمون بمصالحه وإِكرامه كأَنه عندك، قالوا له: أَما تشتهى أَن تخرج إِلى مواشينا فتصيد وتستبق؟ قال: بلى قالوا: فسل أَباك، فقال: نعم، فدخلوا على أَبيه فقالوا: يا أَبانا يوسف أَراد الخروج معنا فقال: ما تقول يا بنى؟ قال: نعم إِنى رأَيت منهم اللطف والرحمة، والجملة حال من نا، أَو من ضمير تأْمن، أَو معطوفة على بعد، قالوا وكأَنه قيل: وقالوا إِنا له لناصحون، والصحيح فى تأْمنَّا النطق بنون بين ضمة وسكون، فنون بعدها، هذا ما أدى به وأَطلت فيه كابن الجزرى فى شرح نظمى المسمى (جامع حرف ورش) وأَذكر بعضه مختصراً، قرأَ العامة تأْمنا بالإِخفاءِ، وهو عبارة عن تضعيف الصوت بالحركة والفصل بين النونين؛ لأَن النون تسكن رأْساً فذلك إِخقاءُ الإِدغام، وقرىء بالإِشمام الذى هو ضم الشفتين إِشارة إِلى حركة الفعل مع الإِدغام الصريح، وذلك إِشارة إِلى الضمة بعد الإِدغام وقبل كماله، وقرأَ أَبو جعفر بالإِدغام الصريح وقرأَ الحسن بضم النون بالإِدغام والإِشمام محافظة على حركة الإٍعراب، والجمهور على الإِخفائ أَو الإِشمام { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً } أَصله غدو بإِسكان الدال أَو فتحها كيد حذفت لأمه { يَرْتَعْ } أصله غدو الفواكه والأَثمار كما ترعى الإِبل، أَو يلا بسها فى رعيها ويذهب معها للرعى، وهذا افتعال من الرعى للمطاوعة أَى نرعه فيرتع، ومن سكن العين جعله من الرتع بمعنى يسعى فى أَكل الفواكه ونحوها من الرتعة، وهى الخصب كأَنه قيل يعامل الخصب بالأَكل والتمتع، ولعلهم كانوا فى شدة وذلك مباح، ويقال: يرتع فلان فى ماله أَنفقه فى شهواته، ثم تعارفته العرب فى أَكل البهائم من الخصيب، ويستعار للإِنسان إِذا أُريد التفسح فى الأَكل كأَنه بهيمة شهوة بلا عقل يكفها، { وَيَلْعَبْ } يرمى الحجارة أَو بالعصا أَو بالسهام ليتعلمها وبالمسابقة لرجليه أَو دابه، و المراد ما يتدرب به لقتال العدو، وإِلا لم يقرهم عليه يعقوب عليه السلام سمى التعلم لعباً للشبه، ويدل اللعب بالمسابقة قوله:إِنا ذهبنا نستبق } [يوسف: 17] لأنهم قالوا:وتركنا يوسف عند متاعنا } [يوسف: 17] فهو لم يستبق معهم، فإِن عامل عمل المسابقة فوحده لا معهم، واللعب فعل لم يقصد به مقصد صحيح { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الضر، حال من ضمير يلعب أَو من الهاء أَو معطوف مثل ما مر.