الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ }

{ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ } أَجلسهما معه تعظيماً { عَلَى الْعَرْشِ } السرير، وعدى رفع بعلى لتضمنه معنى الإِجلاس، أَو الحمل والرفع النقل إِلى علو { وَخَرُّوا } عجلوا كالحجر الساقط وهم أَبواه على ما مر وإِخوته لا إِخوته فقط كما قيل { لَهُ } ليوسف { سُجَّداً } بوجوههم على الأَرض كسجود الصلاة مريدين تعظيمه لا عبادته، كان جائِزاً ثم فسخ، أَو المراد بالسجود الانحناءُ بلا وصول للأَرض، وذلكَ كالتحية بالقيام وتقبيل اليد، ونهى فى شرعنا عن القيام إِعظاماً لأَحد، أَما ليقعد فى موضع القائِم فيجوزالقيام للإِمام العدل والوالدين، أَو سجدا بوجوههم فى الأَرض سجود عبادة لله، واللام بمعنى إِلى، أَى سجدوا إِلى جهته شكراً كالصلاة للكعبة تعظيماً له، أَو الضمير لله أَى سجدوا لله، ويدل لهذا أَنه لو كان ليوسف لكان قبل الرفع، لكن أُخر لفظاً للاهتمام بالرفع، ويعارضهرأَيتهم لى ساجدين } [يوسف: 4] فيجاب بأَن اللام بمعنى إِلى أَى ساجدين لله إِلى جهتى، أَو للتعليل، أَى ساجدين لأَجلى لله - جل وعلا - ومعنى لأَجلى لاجتماعهم بى، وفى ذلك تفكيك الضمائر برد ضميرى رفع وأَبويه ليوسف وهاء له الله - عز وجل - وفيه رد الضمير إِلى أَقرب مذكور وهو يوسف فى ضمير رفع وضمير أَبويه، وإِنما سجد أَبوه له، لا هو لأَبيه مع عظيم حق الوالد، وكذا اللام، وقدم بنوته وكبر سنه لبلوغه فى الرغبة فى ولده حتى عمى، وكونه هو الطالب له ويوسف فى غفلة عن تلك الرغبة فيكون كالزجر ليعقوب عليه السلام، وقيل سجدا ليتبعهما أَولاده، وأَما أَن يقال لتصدق الرؤْيا فلا يتم جواباً لأَنه يبقى أَن يقال لما جعل الرؤْيا كذلك سجود أَب لولد فلا تهم، وأَيضاً لا تجب مقابلة الرؤيا من كل وجه، وقيل: الواو للإخوة ومن معهم لا للأَبوين معهم، وفيه منافاة لقوله:أَحد عشر كوكباً والشمس والقمر } [يوسف: 4] مع قوله: هذا تأْويل رؤْياى { وَقَال يَا أَبَتِ هَذَا } أَى هذا السجود { تَأْوِيلُ رُؤْيَاىَ } إِرجاعها إِلى ما هى عبارة عنه وتطبيقها معه { مِنْ قَبْلُ } أَى فعل سجودكم هذا أَو حال صغر السن إِنى رأَيت أَحد عشر كوكباً إِلخ، متعلق برؤْياى، أَو بمحذوف حال من رؤْياى، وذكر الدمامينى قولا بجواز تعليق الظرف بمعرفة محذوفة نعت لمعرفة أَى رؤْياى الكائنة من قبل { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّى حَقّاً } صادقة، ولو لم تصدق لكانت باطلا ضد الحق، وذكر حقاً لأَنه مصدر وهو بمعنى اسم الفاعل، أَو يقدر مضاف ذات حق، أًو وصف لمذكر أَى أَمراً حقاً، واختير حقاً لأَنها مقال والمقال يصدق ويكذب { وَقَدْ أَحْسنَ بِى } أَى إِلىوأَحسن كما أَحسن الله إليك }

السابقالتالي
2 3