الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ }

{ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ } أَعطيناه مشركا أَو موحدا، لأَن كفران النعم والإِياس والبطر والعجز تصدر منه كما تصدر من المشرك، ويجوز أَن تكون للمعهود الكافر فى الآية قبله كما قيل الأَصل فى أَل للعهد فلا تحمل على غيره إِلا لدليل ولا دليل هنا إِلا الاستثناءُ بعد والأَصل فيه الاتصال وعلى العهد يكون منقطعاً بذلك الوجه أَو على أَن الذين مبتدأٌ خبره لهم مغفرة { مِنَّا } للابتداءِ متعلق بأَذقنا أَو حال من قوله { رَحْمَةً } نعمة يجد لذتها كما هو شأْن الذوق، وذلك كالغنى والصحة والإِذاقة مستعار للإِمضاء المشتمل لإِدراك أَثر النعمة، لأَن الذوق إِدراك الطعوم ويستعمل اتساعاً لمطلق إِدراك المحسات والمعقولات واختار لفظ الرحمة على فضل الإِنعام لأَنه أَدل على التفضل وعدم الوجوبِ { ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ } من للابتداءِ ويضعف ما قيل إِنها للتعليل، أَى لأَجل ذنبه ولا دليل عليه، والمراد النزع بعد تراخ طويل فى التلذذ بها فكيف لو نزعت على عجل فإِنه يكون أَشد كفرا، والتعبير بالنزع دون السلب للدلالة على شدة تمسكه بها { إِنَّهُ لَيَئُوسٌ } عظيم انقطاع الرجاءِ لفضل الله ورجوعها إِليه لقلة يقينه وصبره أَو لعدمها ونزعها منه لكفره لها ولو نزعت مع شكره لأُثيب عليها دنيا أَو أُخرى أَو فيهما، أَو كفر عنه ذنوبا { كَفُورٌ } عظيم كفران النعم الماضية والنعم الباقية وكثير الكفران، ويكرر الكفران ويعظمه ولو على زوال نعمة واحدة ومن الكفر الإِياس وقدم على كفور للفاصلة.